بحسب تقرير لرويترز أنه في أواخر العام الماضي أبحرت السفينة السنغافورية كوتا نازار وعليها 636 حاوية محملة بالصلب والورق والأدوية وغيرها من السلع قاصدة ميناء الحديدة أكبر موانئ البضائع في اليمن.
لكنها لم تصل قط إلى وجهتها.
ومثل عشرات السفن الأخرى التي تنقل المواد الغذائية وإمدادات أخرى إلى اليمن على مدار الثلاثين شهرا الأخيرة اعترضت طريق السفينة كوتا نازار سفينة حربية سعودية من السفن التي تحاصر موانئ اليمن على البحر الأحمر.
ومنذ عام 2015 نشرت السعودية وحلفاء لها من الدول العربية قوات بحرية في المياه اليمنية وحولها. ووافقت الدول الغربية على هذا الاستعراض للقوة كوسيلة لمنع وصول الأسلحة للمقاتلين الحوثيين الذين يحاولون الإطاحة بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وكان لهذا الحصار الفعلي ثمن باهظ على الصعيد الإنساني.
وتبين سجلات بحرية لم يسبق نشرها وتقرير سري للأمم المتحدة ومقابلات مع وكالات إغاثة إنسانية وخطوط ملاحية أن سفن التحالف الذي تقوده السعودية تمنع دخول إمدادات ضرورية إلى اليمن حتى في الحالات التي لا تحمل فيها السفن أسلحة.
وفشل نظام أقامته الأمم المتحدة في مايو أيار 2016 لتسهيل وصول الإمدادات التجارية من خلال الحصار في ضمان حصول الشعب اليمني على ما يحتاج إليه من إمدادات.
وكانت النتيجة هي العزل الفعلي لليمن البالغ عدد سكانه 28 مليون نسمة تقول الأمم المتحدة إن ربعهم يعانون من الجوع. وبلغ عدد القتلى في الحرب عشرة آلاف قتيل.
ويعاني نصف مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد كما أن 2135 شخصا على الأقل أغلبهم من الأطفال ماتوا من جراء الإصابة بالكوليرا خلال الأشهر الستة الماضية.
وعمدت وكالات الإغاثة إلى زيادة كميات الغذاء التي تنقلها إلى بعض مناطق اليمن هذا العام. غير أن اليمن يستورد أكثر من 85 في المئة من احتياجاته من الغذاء والدواء وسجلت الشحنات التجارية تراجعا شديدا.
وتوضح بيانات الموانئ التي جمعها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ورويترز أن 21 سفينة فقط من سفن الحاويات أبحرت إلى ميناء الحديدة. وللمقارنة فقد قامت 54 سفينة بتوصيل مثلي كمية البضائع التي نقلتها تلك السفن في الفترة المقابلة من العام الماضي.
وقبل نشوب الحرب وصلت إلى الميناء 129 سفينة حاويات في الأشهر الثمانية الأولى من العام 2014.
ولم تصل إلى ميناء الحديدة سفينة تجارية تحمل أدوية منذ دمر هجوم جوي بقيادة السعودية الرافعات العاملة في الميناء في أغسطس آب 2015 وذلك حسبما قال مدير الميناء الخاضع لسيطرة الحوثيين. وفي حالة واحدة على الأقل هذا العام كانت إحدى الشحنات التي منعت من دخول الميناء تحتوي على مساعدات إنسانية.
ولم يتسن الاتصال بممثلي حركة الحوثيين للتعليق. وامتنع مسؤولون بالحكومة اليمنية عن التعقيب.
وفي الأسبوع الماضي نفى عبد الله المعلمي السفير السعودي لدى الأمم المتحدة أن التحالف يمنع شحنات الغذاء والدواء والوقود التجارية. وقال إن اليمن يتسلم مساعدات إنسانية.
وقال “أؤكد لكم أنه لا يتم منع أي شحنة من المساعدات الإنسانية من الوصول إلى اليمن سواء من جانب التحالف أو من جانب الحكومة اليمنية. وقد أعطينا موافقة على كل الطلبات من هذا النوع لرسو أي سفينة تحمل مساعدات إنسانية لشعب اليمن”.
وأضاف “نحن أكبر مساهم بالمساعدات لشعب اليمن ولذلك من غير المنطقي في نظرنا أن نقدم تلك المساعدات من ناحية ومن ناحية أخرى نمنعها في مكان آخر”.
وفي حالة السفينة كوتا نازار و12 سفينة أخرى فحصت رويترز حالاتها بالتفصيل ردت سفن الحصار الذي تقوده السعودية سفنا تحمل مساعدات وبضائع تجارية على أعقابها أو عطلتها بشدة قبل أن تصل إلى موانئ يمنية وذلك رغم أن الأمم المتحدة وافقت على شحناتها ولم يكن هناك أسلحة على متنها.
وكانت سبعة من تلك السفن تحمل أدوية ومواد غذائية بالإضافة إلى إمدادات أخرى.
ووقعت سفن المساعدات في شباك الحصار. كانت إحدى السفن السبع تحمل مضادات حيوية ومعدات جراحية وأدوية للعلاج من الكوليرا والملاريا تغطي احتياجات 300 ألف فرد. وتعطلت الشحنة ثلاثة أشهر وقالت هيئة إنقاذ الطفولة التي تعمل انطلاقا من بريطانيا إن أدوية قيمتها 20 ألف دولار تعرضت خلالها للتلف أو انتهت صلاحيتها.
وفي يوليو تموز مُنعت من دخول الميناء أربع ناقلات نفطية تحمل 71 ألف طن من الوقود أي ما يعادل عشرة في المئة من الاحتياجات اليمنية الشهرية من الوقود.
وفي تقرير نشر الشهر الماضي قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن التحالف “حول بشكل متعسف أو أخر” سبع ناقلات للوقود كانت متجهة لموانئ تخضع لسيطرة الحوثيين فيما بين مايو آيار وسبتمبر ايلول من العام الجاري.
وأضافت المنظمة أنه في إحدى الحالات تم احتجاز سفينة في ميناء سعودي لأكثر من خمسة أشهر.
وفي أوائل الصيف هذا العام أخطرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الأمم المتحدة أنها أغلقت ميناء نفطيا يخضع لسيطرة الحوثيين بسبب “وضعه غير القانوني” وكذلك “ما لحق بالبيئة البحرية من ضرر”.
وقالت الأمم المتحدة إن الحكومة قررت أيضا تحويل كل السفن التي تحمل الأسمنت والحديد إلى ميناء عدن اليمني الخاضع لسيطرتها.
ونتيجة للحصار أيضا لا توجد أي رحلات جوية تجارية إلى العاصمة اليمنية صنعاء منذ الصيف الماضي.
كما توقف اثنان من أكبر خطوط نقل الحاويات في العالم، هما إم.إس.سي التي تعمل انطلاقا من سويسرا وبي.آي.إل التي تعمل من سنغافورة، عن تسيير سفن إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين في أوائل 2017 وذلك بسبب التأخير والمخاطر التي تواجهها. ولم تستأنف بي.آي.إل خدماتها حتى الآن.
وفي تقرير سري قدم إلى مجلس الأمن في أبريل نيسان ذكر محققو الأمم المتحدة بالتفصيل العديد من العوائق التي واجهتها السفن للمرور من خلال الحصار.
وفي إحدى الحالات انتظرت سفن شركة ملاحية 396 يوما للرسو في الحديدة ما أدى إلى تراكم مصروفات وقود وتبريد بلغت 5.5 مليون دولار. وقال تقرير الأمم المتحدة إن التحالف يستغرق في المتوسط عشرة أيام لمنح الإذن للسفن بالرسو في الحديدة حتى في الحالات التي لا يتم فيها تأخير السفن.
واختلف مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشروعات الذي يتولى الإشراف على نظام الموافقات في الأمم المتحدة مع الحصر الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي ورويترز لشحنات الحاويات التي سلمت لميناء الحديدة.
وقال المكتب في بيان لرويترز إن نظامه المسمى آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش من أجل اليمن أصدر موافقات لسفن على تسليم ما يقرب من عشرة ملايين طن من الغذاء والوقود والشحنات العامة إلى اليمن خلال الستة عشر شهرا الماضية.
ولم يقدم المكتب أي دليل يدعم هذا الرقم. كما أنه لم يحدد عدد السفن التي وافق عليها ومنعت فيما بعد أو تأخرت أو غير التحالف بقيادة السعودية مسارها. كما قال المكتب إن ما يجري في المياه الدولية يتجاوز صلاحياته.
وقالت الأمم المتحدة في بيان إن آلية التحقق والتفتيش “ساهمت في التصدي لتحديات الأزمة الانسانية الحالية بقدر المستطاع وذلك بإتاحة السلع الأساسية في السوق اليمنية”.
وفي رسالتين خاصتين على الأقل مع دول أعضاء في الأمم المتحدة ووكالات إغاثة هذا العام أبدى مسؤولو الآلية شعورهم بالإحباط لأن التحالف يمنع السفن التي وافقوا على مرورها أو يعطلها.
وقال تقرير داخلي من الآلية من مارس آذار الماضي إن التحالف أخر ست سفن سمح بعد ذلك بمرورها “بعد اتصالات وجهود متواصلة”.
والتحالف ليس هو السبب الوحيد في الانخفاض الشديد في الواردات اليمنية. فقد قطعت البنوك الأجنبية خطوط الائتمان للشركات بسبب مخاوف تتعلق بسداد مستحقاتها وصعوبات في إتمام المعاملات.
وأصاب الشلل أنشطة البنك المركزي اليمني بسبب الخلاف بين الحكومة المعترف بها دوليا والمقاتلين الحوثيين.
ومن الصعب تقدير الآثار التراكمية التجارية والانسانية للحصار اليمني على وجه الدقة. ولا يمكن لجماعات الإغاثة والصحفيين الوصول إلى مناطق كثيرة من البلاد.
ومع ذلك فإن الأمم المتحدة تحذر منذ أكثر من عامين من أن اليمن أصبح على شفا المجاعة. ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن عدد المحتاجين للمساعدات ارتفع إلى 20 مليونا هذا العام أي أكثر من ثلثي سكان البلاد بالمقارنة مع 17 مليونا في العام 2016.
وقد انتشر الجوع في اليمن لأنه أصبح ساحة قتال في صراع سياسي بين السعودية وايران. فقد دخلت السعودية وحلفاؤها الحرب في اليمن للتصدي للمقاتلين الحوثيين الشيعة الذين تدعمهم ايران.
وأيدت الدول الغربية التي تختلف مع ايران على برنامجها النووي تدخل التحالف بقيادة السعودية بالمساعدة في تنسيق الضربات الجوية وبتزويد الطائرات الحربية السعودية بالوقود في الجو.
كما أيد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرياض فعليا بفرض حظر على توريد السلاح للمقاتلين الحوثيين وأجاز تفتيش السفن المتجهة إلى اليمن إذا كانت هناك “أسباب معقولة” للاشتباه في أنها تحمل أسلحة.
ولم تحدد الرياض رسميا أي السفن التي لا يسمح لها بالإبحار. ولم تنشر قائمة بالسلع والمواد التي تغطيها قيودها. لكنها تقول إن لها الحق في اتخاذ كل الإجراءات المناسبة للتصدي لتهديدات المقاتلين المتحالفين مع ايران.
ونفى مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإيرانية اتهامات بأن بلاده تقدم دعما ماليا وعسكريا للحوثيين في اليمن.
وقال ديفيد بيسلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي “اليمن حالة كارثية. فهذا هو صراع من صنع الانسان يدفع الجوع ويهيئ الظروف للمجاعة. بهذه البساطة”.
وأضاف “إذا أنهينا الحرب سنضع نهاية للجوع”.
وبدأ البعض في الولايات المتحدة ينتقدون الحصار. وقال السناتور الجمهوري تود يانج عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن السعودية ربما كانت تنتهك القوانين الانسانية لإنها أعاقت تدفق السلع الضرورية إلى اليمن.
وقال في إشارة إلى الدول التسع التي يتألف منها التحالف تحت قيادة السعودية “أنا لا أشير إلى أن السعوديين يتحملون كل المسؤولية عن ذلك. لكنهم يتحملون قسما كبيرا منها”.
* تحذيرات مبكرة
ازداد قلق جماعات الإغاثة الدولية من آثار الحصار السعودي في أوائل عام 2015 في أعقاب دخول التحالف الحرب الأهلية في اليمن. ويضم التحالف في عضويته الإمارات ومصر والبحرين والكويت والأردن والمغرب والسودان والسنغال.
وانخفضت شحنات الحاويات إلى ميناء الحديدة في 2015 بنسبة 40 في المئة تقريبا عن مستواها قبل الحرب.
وفي صيف ذلك العام أصدرت الأمم المتحدة تحذيرها الأول من بين تحذيرات عديدة من احتمال تطور الأمر إلى مجاعة في اليمن. وخلف الكواليس حاولت الأمم المتحدة إقناع الرياض وحلفائها بالسماح لها بتفتيش السفن.
وفي أوائل سبتمبر ايلول 2015 قالت الأمم المتحدة إنها توصلت إلى اتفاق مع الحكومة اليمنية والتحالف لإقامة نظام للتفتيش يسهل مرور السلع إلى اليمن. وقالت الأمم المتحدة إن مقر هذا النظام أو آلية التحقق والتفتيش سيكون في جيبوتي.
واستغرق الأمر ثمانية شهور أخرى لتدبير ثمانية ملايين دولار لكي تبدأ الآلية عملها.
وعندما بدأ عمل الآلية في مايو آيار عام 2016 كان هدفها المعلن “إعادة الثقة في أوساط النقل البحري” أنه لن يكون هناك تأخيرات غير متوقعة ومكلفة للشحنات المتجهة إلى اليمن.
ومنذ ذلك الحين أصبح على كل السفن التجارية المبحرة إلى الموانئ الخاضغة لسيطرة الحوثيين في اليمن التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة يتضمن بيانات شحناتها وقوائم بآخر الموانئ التي زارتها.
وتراجع الأمم المتحدة الطلبات وتتحقق مما إذا كانت السفن قد زارت موانئ مشبوهة أو أغلقت أجهزة البث التي تحدد مواقعها لأكثر من بضع ساعات وهي حيلة شائعة بين المهربين الذين يريدون تجنب اقتفاء أثرهم. وبين الحين والآخر يتولى متعاقدون يعملون لحساب الآلية تفتيش السفن.
ولا تتحقق الآلية من سفن المساعدات أو تفتشها إلا إذا كانت المساعدات مختلطة بسلع تجارية. أما السفن المستأجرة بالكامل لوكالات الإغاثة فتمر بعملية مختلفة. فهي تحصل على حقوق الإبحار مباشرة من الرياض.
ومع ذلك فالظروف تحتم أن تنقل نسبة كبيرة من المساعدات إلى اليمن على ظهر سفن تجارية.
وفي الأشهر الستة عشر الأخيرة بحثت الآلية 685 طلبا ومنحت سفنا الحق في الإبحار إلى موانئ تحت سيطرة الحوثيين في 80 في المئة من الحالات. وقالت الأمم المتحدة لرويترز إن تلك السفن قامت بتوصيل ما يقرب من خمسة ملايين طن من المواد الغذائية ومليوني طن من الوقود و2.5 مليون طن من البضائع العامة.
غير أنه حتى بعد صدور موافقات الأمم المتحدة يتعين على كل السفن التجارية الحصول على موافقة من سفينة حربية تخضع لإدارة سعودية ترابط على مسافة 61 كيلومترا غربي ميناء الحديدة.
وقد ثبت صعوبة ذلك. فلأن السفن تقف في المياه الدولية لا يمكن لآلية التحقق والتفتيش سوى التنسيق مع أطراف إقليمية بما في ذلك التحالف لتيسير وصول السفن إلى الموانئ حسبما قالت الأمم المتحدة في بيانها. وأضافت أن باقي الإجراءات ترجع إلى السلطات المحلية في الميناء.
* شكوك
على سبيل المثال حصلت السفينة كوتا نازار على موافقة من الأمم المتحدة للإبحار إلى الحديدة في أواخر ديسمبر كانون الأول الماضي. غير أن ضباطا بحريين من السفينة السعودية أوقفوها وصعدوا على ظهرها.
كان الضباط يشتبهون أن السفينة تحمل أسلحة ايرانية مخبأة في طريقها إلى المقاتلين الحوثيين.
وأمر الضباط السفينة بالعودة إلى جيبوتي حيث كانت محطتها السابقة. وهناك قام طاقم السفينة بتفريغ 62 حاوية اعتبرها التحالف مثيرة للريبة ما سمح للسفينة بالإبحار مرة أخرى إلى الحديدة في يناير كانون الثاني.
ثم أصر التحالف على تفتيش السفينة مرة أخرى. وبعد ثلاثة أيام أمرت الأمم المتحدة السفينة بالإبحار إلى جيزان في السعودية. وفي جيزان قامت السلطات المحلية واثنان من مفتشي الأمم المتحدة بتفريغ كل الحاويات التي حملتها السفينة وفحصها بالأشعة السينية.
وتحفظت السلطات على 27 حاوية قالت إن بها شحنة يمكن استخدامها في الصراع العسكري اليمني. وشملت محتوياتها أحزمة ذخيرة ومواسير حديدية وأدوات لحام وقطع غيار دراجات نارية وسلعا أخرى.
وفي جيبوتي قام مفتشو الأمم المتحدة ومسؤولون محليون بتفتيش الحاويات التي تم إنزالها من السفينة. وعثر المفتشون على صلب مدرفل في نصف الحاويات تقريبا وورق طباعة في حاويات أخرى. واحتوت اثنتان من الحاويات على أدوية مبردة كان مصدرها ميناء بندر عباس أحد أكبر موانئ البضائع في ايران.
وقال مسؤولون تابعون للأمم المتحدة في اليمن إن المفتشين عثروا أيضا على آثار مواد شديدة الانفجار في إحدى حاويات ورق الطباعة كان مصدرها جاكرتا في إندونيسيا. غير أن التفتيش لم يسفر عن العثور على أي متفجرات.
ويقول خبراء إن النتائج الإيجابية غير الصحيحة شائعة خلال عمليات التفتيش الروتينية عن المتفجرات. وقالت شركة (بي.أي.إل) وهي شركة الشحن التي تتخذ من سنغافورة مقرا لها والتي تملك كوتا نازار إنها لا تناقش العمليات التجارية.
في نهاية المطاف لم تستطع السفينة كوتا نازار أن تحصل على تصريح للإبحار إلى الحديدة. وأبحرت بدلا من ذلك إلى ميناء عدن الواقع في جنوب البلاد وتسيطر عليه الحكومة. وبالنسبة لشحنات الإغاثة والشحنات التجارية التي تصل إلى عدن فإنها يجب أن تمر على مئات من نقاط التفتيش على الطريق شمالا إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وهي رحلة باهظة التكاليف ومحفوفة بالمخاطر.
وبعد تلك الحادثة ألغت شركة (بي.أي.إل) كل الرحلات المستقبلية للحديدة وغيره من الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون في البحر الأحمر.
وجرى منع شحنات أخرى من الدخول رغم خلوها من أي أسلحة. وفي وقت سابق هذا العام رفض التحالف دخول أربع رافعات تبرعت بها الولايات المتحدة لبرنامج الأغذية العالمي بهدف تعزيز عمليات الإغاثة في ميناء الحديدة. وكانت تلك الرافعات ستحل محل أجزاء من البنية التحتية للميناء التي دمرتها ضربات التحالف في أغسطس آب 2015.
وفي يناير كانون الثاني أرسل برنامج الأغذية العالمي الرافعات في سفينة إلى الحديدة. لكن التحالف بقيادة السعودية ألغى التصريح الذي كان قد أصدره في ذلك الشهر ومنع دخول السفينة. وانتظرت السفينة في البحر لمدة عشرة أيام قبل أن تعود في نهاية المطاف إلى دبي حيث لا تزال الرافعات موجودة.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إن التحالف لم يقدم سببا واضحا لإعادة الرافعات.
وفي أبريل نيسان قال متحدث باسم التحالف لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه جرى منع دخول الرافعات “لأننا لا نريد أن نواصل تعزيز قدرات الحوثيين على إدخال الأموال والتهريب”.
وفي أغسطس آب قالت بعثة السعودية لدى الأمم المتحدة إنها ستركب رافعات في ثلاث موانئ تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا معللة ذلك “بتدهور الوضع الإنساني” في اليمن.
وفي الأسبوع الماضي قال المعلمي سفير السعودية لدى الأمم المتحدة إن بلاده قدمت معدات لزيادة طاقة الموانئ اليمنية الأخرى غير الحديدة قائلة إن الحوثيين استغلوا الإيرادات من الحديدة لشراء السلاح بدلا من محاربة الكوليرا.
وكان المعلمي يتحدث بعد أن وضعت الأمم المتحدة هذا الشهر التحالف العسكري بقيادة السعودية في قائمة سوداء لقتل وإصابة 683 طفلا في اليمن ومهاجمة عشرات المدارس والمستشفيات في 2016. وورد أيضا في القائمة السوداء أسماء حركة الحوثي وقوات الحكومة اليمنية وفصيل مؤيد للحكومة وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب لارتكاب انتهاكات بحق الأطفال في 2016.
وواجهت شركة (إم.إس.سي) ثاني أكبر شركة شحن في العالم تحديات أيضا خلال رحلاتها. ووفقا لبرنامج الأغذية العالمي وتقرير الأمم المتحدة الذي لم ينشر فقد جرى تأخير السفينة هيمانشي التابعة للشركة شهرين خلال صيف 2016 عندما حاولت الإبحار صوب الحديدة. وكانت السفينة تحمل 722 حاوية بضائع بينها 93 حاوية بها أغذية ومواد إغاثة أخرى.
واحتجز التحالف السفينة في البحر الأحمر لمدة 13 يوما حتى وجهتها الأمم المتحدة بالتحرك نحو ميناء الملك عبد الله في السعودية. وعثر المفتشون هناك على ألعاب نارية في بضع حاويات حسبما ورد في تقرير الأمم المتحدة. ولم يوضح التحالف أسبابا للتفتيش ولم تصل السفينة إلى الحديدة إلا في أوائل سبتمبر أيلول في هذا العام.
وقال متحدث باسم (إم.إس.سي) “الكثير من الشحنات التي نحملها في هذه المنطقة محدودة الصلاحية ومنها على سبيل المثال المواد الغذائية والأطعمة المبردة والمجمدة”.
وتابع قوله “تواصل الشركة متابعة تسهيل الوصول إلى ميناء الحديدة الذي لم تتوفر له خدمات كافية في الشهور الأخيرة بسبب التأخير الطويل وغير المتوقع في بعض الأحيان نتيجة عمليات تفتيش الشحنات”.
وتوقفت الشركة عن الإبحار إلى موانئ في البحر الأحمر لمدة ثمانية أشهر هذا العام. وقالت في أغسطس آب إنها ستستأنف الخدمات للحديدة بطلب من العملاء بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة ومستوردون من القطاع الخاص.
ولا يزال المدنيون يشعرون بآثار الحصار.
وقال علي شوعي (28 عاما) وهو أب لأربعة أبناء إنه هرب من محافظة شمالية يسيطر عليها الحوثيون عندما لم يستطع إطعام أطفاله. وذكر أن سعر جوال الدقيق وصل إلى المثلين بعد الحصار وإن مخزونات الصيدليات نفدت.
ورحل الأطباء الذين كانوا يعملون في المستشفى القريب بسبب عدم تقاضيهم رواتب لمدة عام. وتوقف تجار الوقود عن إمداد المنطقة بعد أن استهدفتهم ضربات جوية.
وقال شوعي “لم يعد بمقدور الناس أن يشتروا الطعام. الوضع مروع بالفعل”.