من التهم الموجهة إلى محمد العتيبي المحكوم عليه بالسجن 14 عاما، وعبد الله العطاوي المحكموم عليه بسبعة أعوام، “تأسيس جمعية دون ترخيص” واتهامات غامضة أخرى تتعلق بجمعية حقوقية لم تُعمّر طويلا، كانا قد أنشآها عام 2013. كلّ “الجرائم” المزعومة الواردة في لائحة الاتهام لا تَمُتُّ إلى السلوك الجنائي المعترف به بصلة، وجميعها حصلت قبل أكتوبر/تشرين الأول 2013.
قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن “شوهت الحملة الدؤوبة التي يقوم بها نظام العدالة ضد منتقدي الحكومة وناشطي حقوق الإنسان سمعة محمد بن سلمان. لا يجوز للسعودية أن تسجن العتيبي والعطاوي بتهم زائفة، ويجب التذكير بقضيتيهما كلّما أعربت الحكومة السعودية عن التزامها بالاصلاح، الذي يتضح جليا أنه غير كاف”.
أسس العتيبي والعطاوي “الاتحاد لحقوق الإنسان” مع شخصين آخرين في أبريل/نيسان 2013، لكنهم لم يحصلوا على ترخيص لأن السعودية لم تكن تسمح بإنشاء منظمات غير حكومية وغير خيرية مستقلة في ذلك الوقت. فرّ العتيبي إلى قطر في مارس/آذار 2017، وطلب الحماية من السلطات القطرية، لكنها سلمته إلى السعودية في مايو/أيار. ينتهك الترحيل حظر القانون الدولي العرفي على الإعادة القسرية – أي ألا يعاد قسرا أي شخص إلى مكان يواجه فيه خطرا فعليا بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد الحياة.
أكد نشطاء سعوديون، ذوو اطلاع مباشر على القضية، إدانة العتيبي والعطاوي والأحكام الصادرة في حقهما. يمكن للعتيبي والعطاوي الاستئناف في غضون 30 يوما.
بعد أقل من شهر على تأسيس جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، وبعد إصدار عدة بيانات على وسائل التواصل الاجتماعي، تم استدعاء أعضائها للتحقيق. ووعد جميع المؤسسين بإغلاق الجمعية.
في أواخر أبريل/نيسان 2013، تقدم مؤسسو الجمعية بطلب تسجيل في وزارة الشؤون الاجتماعية، التي أصبحت لاحقا وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. رفضت الوزارة الطلب في مايو/أيار.
في رسالة الرفض، التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، كتب مدير عام الجمعيات والمؤسسات الخيرية “بدراسة الطلب اتضح أنه لا يتماشى مع لائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية… ويُرى التريث لحين صدور نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي يتيح تأسيس جمعيات أهلية في مجال حقوق الإنسان”. أصدرت السلطات قانون الجمعيات في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
استدعت السلطات العتيبي والعطاوي مرة أخرى في مارس/آذار 2014، ووعد الناشطان بالكف عن إصدار البيانات والتقارير، وبألا يشاركا في أي مقابلات تلفزيونية.
وتشمل الاتهامات المنسوبة إلى العتيبي: “[الاشتراك] في تأسيس جمعية والإعلان عنها قبل الحصول على التراخيص اللازمة” و”[الاشتراك] في إعداد وصياغة وإصدار عدة بيانات… على الشبكة العنكبوتية تتضمن إساءة لسمعة المملكة…” كما اتُّهم العتيبي بـ”استعداء لمنظمات حقوقية دولية ضد المملكة وذلك بنشره عبر حسابه على موقع للتواصل الاجتماعي تقارير مكذوبة عن المملكة…”
ورغم أن جميع المؤسسين وقعوا تعهدا بالكف عن أي نشاط حقوقي، تنص لائحة الاتهام على أنه بعد مراقبة التزامه بالتعهد “تبين أن الأول [محمد العتيبي] ما زال على نهجه السابق ورُصد عليه عدة مخالفات…”. لكن “المخالفات” المذكورة في لائحة الاتهام تعود إلى أعمال من المفترض أنها حصلت قبل التعهد، بما في ذلك “حضوره لاجتماعات المنتمين والمتعاطفين مع جمعية حسم [“الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية”] المحلولة… وكان آخرها بتاريخ [14 سبتمبر/أيلول 2013]”.
منذ 2014، حاكمت السلطات السعودية عددا من المعارضين في المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة قضايا الإرهاب في السعودية.
اعتقلت السلطات وحاكمت جميع الناشطين المرتبطين بـ “جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية”، إحدى أولى المنظمات المدنية في السعودية، والتي كانت تدعو إلى إصلاح سياسي واسع في تفسيرات الشريعة الإسلامية. حلّت محكمة سعودية المجموعة رسميا وحظرتها في مارس/آذار 2013. واجه أعضاؤها اتهامات غامضة مماثلة، بما فيها ذمّ السلطات، إهانة القضاء، تحريض الرأي العام، إهانة الزعماء الدينيين، المشاركة في تأسيس جمعية غير مرخص لها، وانتهاك قانون جرائم المعلوماتية.
من بين الناشطين والمعارضين السعوديين الذين يقضون حاليا عقوبات سجن طويلة تستند فقط إلى نشاطهم السلمي: وليد أبو الخير، عبد العزيز الشبيلي، محمد القحطاني، عبد الله الحامد، فاضل المناسف، سليمان الرشودي، عبد الكريم الخضر، فوزان الحربي، رائف بدوي، صالح العشوان، عبد الرحمن الحامد، زهير كتبي، علاء برنجي، ونذير الماجد. اعتقلت السلطات السعودية الناشطَين عيسى النخيفي وعصام كوشك، وهما قيد المحاكمة. في أواخر يوليو/تموز، أيدت محكمة استئناف سعودية حكما بالسجن 8 سنوات بحق عبد العزيز الشبيلي.
قالت ويتسن: “تُظهر الأحكام المُستهجَنة ضد الناشطين والمعارضين السلميين غياب أي تسامح من السعودية تجاه المواطنين الذين يعبرون عن آرائهم بخصوص حقوق الإنسان والإصلاح“.