قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات السعودية اتهمت 7 ناشطات ونشطاء في مجال حقوق المرأة، اعتلقوا مؤخرا، ونشطاء آخرون في نفس المجال، بجرائم خطيرة. يبدو أن البيان الصادر عن جهاز “رئاسة أمن الدولة”، والذي أشار إلى اتهامات محتملة “بالتواصل المشبوه مع جهات أجنبية” والنيل من “استقرار وأمن المملكة”، يرتكز مباشرة على نشاط الموقوفين.
أنشأ الملك سلمان رئاسة أمن الدولة بعد وقت قصير من تعيينه ابنه محمد بن سلمان وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017، ويقدم الجهاز تقاريره مباشرةً إلى مكتب الملك. بعد اعتقال النشطاء بأيام، أطلقت الصحف وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الموالية للحكومة حملة ضدهم بدت وكأنها مُنسَّقة، ووصفتهم بـ”الخونة”. قال ناشطون سعوديون إن 4 مدافعات عن حقوق المرأة على الأقل اعتقلن أيضا منذ 15 مايو/أيار 2018، ما يرفع عدد الموقوفات والموقوفين إلى 11 على الأقل.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “على ولي العهد، الذي نصّب نفسه إصلاحيا أمام حلفاء ومستثمرين غربيين، شكر الناشطات والنشطاء على مساهماتهم في حركة حقوق المرأة السعودية. لكن يبدو أن السلطات السعودية تعاقب حاملي لواء حقوق المرأة لترويجهم هدف يدّعي بن سلمان نفسه دعمه، وهو إنهاء التمييز ضد المرأة”.
تحدث البيان الخاص بالمعتقلين عن اعتقال ناشطات حقوقيات ذي ماضي طويل كلجين الهذلول وعزيزة اليوسف وإيمان النفجان، والناشط محمد الربيعة والمحامي الحقوقي محمد المديميغ. ليس من الواضح إن كان النشطاء المحتجزين قد اتُهموا بالجرائم التي ذكرها جهاز رئاسة أمن الدولة.
قال ناشطون سعوديون لـ هيومن رايتس ووتش إن خطورة الادعاءات ووحشية الحملة الإعلامية التي تستهدف الأشخاص غير مسبوقين ويثيران الصدمة. نقلت صحيفة “عكاظ” السعودية احتمال مواجهة المعتقلين للسجن مدة تصل لـ 20 عاما. نشرت صحيفة “الجزيرة”، يومية محلية، صورة للهذلول واليوسف على صفحتها الأولى بعنوان يصفهن بـ “الخونة”. نشر حساب “تويتر” موالٍ للحكومة صورا للمعتقلين مرفقة بكلمة “خائن”/”خائنة” بالأحمر على وجوههم. تمنع السعودية عمل أي وسيلة إعلام مستقلة في البلاد.
عُرفت غالبية الناشطات والنشطاء المحتجزين بحملاتهم ضد الحظر المفروض على قيادة النساء، ودعوتهم العلنية إلى إلغاء نظام ولاية الرجل، الذي يمنح الرجال سلطة اتخاذ مجموعة من القرارات الحاسمة نيابة عن قريباتهم الإناث. تأتي اعتقالاتهم قبل الرفع المتوقع للحظر على قيادة النساء في 24 يونيو/حزيران.
قال نشطاء حقوقيون سعوديون إنه في سبتمبر/أيلول 2017، يوم إعلان رفع الحظر، اتصل مسؤولون في الديوان الملكي بالنشطاء البارزين، ومنهم بعض المحتجزين الآن، وحذروهم من التحدث إلى وسائل الإعلام.
اليوسف (60 عاما) أستاذة متقاعدة في علوم الكمبيوتر بجامعة الملك سعود، وناشطة بارزة في الحملة الطويلة ضد نظام ولاية الرجل. في ظل هذا النظام، تحتاج كل امرأة إلى إذن وصيّها الذكر – أب، أخ، زوج، أو حتى ابن – لاستصدار جواز سفر، السفر إلى الخارج، الدراسة في الخارج بمنحة حكومية، الزواج، أو حتى الخروج من السجن.
النفجان (39 سنة) أستاذة مساعدة في علم اللغة في جامعة الرياض، ومؤلفة لمدونة شعبية عن المجتمع والثقافة وحقوق المرأة في السعودية. كتبت عن حقوق المرأة لعدة وسائل إعلام دولية، كـ “نيويورك تايمز” و”ذي غارديان”. في 2013، احتجت اليوسف والنفجان على حظر القيادة عبر تصوير نفسيهما تقودان سيارتيهما قرب أقسام الشرطة في الرياض. احتجزتا لفترة وجيزة.
احتجزت السلطات السعودية الهذلول (28 عاما) في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أثناء قيادتها سيارة ومحاولتها دخول السعودية من الإمارات، مع بث ذلك مباشرةً لحشد الاهتمام الدولي بالقضية. احتُجزت في مركز للأحداث 73 يوما. بات لديها منذئذ شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي مع أكثر من 300 ألف متابع على تويتر، ذي الشعبية الواسعة في المملكة.
تحدث محمد بن سلمان مطولا عن إصلاحات لحقوق المرأة، خاصة خلال جولة العلاقات العامة السريعة التي أجراها في الولايات المتحدة وأوروبا للترويج لفرص الاستثمار، ووعد “بالعودة إلى الإسلام المعتدل”. خلال مقابلته مع برنامج “60 دقيقة” في 19 مارس/آذار، قال، “لم تحصل المرأة السعودية على حقوقها كاملة بعد. هناك حقوق نص عليها الإسلام لا تزال تفتقدها. قطعنا شوطا طويلا جدا وبقي القليل”.
كانت الإصلاحات محدودة حتى الآن. بالإضافة إلى التخطيط لرفع حظر القيادة، سمحت السلطات للنساء بشغل وظائف كانت ممنوعة عليهن سابقا، كمراقبة الحركة الملاحية ومراقبة الحدود وشرطة المرور. غير أن نظام وصاية الرجل، أخطر عقبة تعترض حقوق المرأة، لا يزال على حاله تقريبا.
علاوة على ذلك، أشرف الأمير محمد على حملة واسعة ضد النشطاء والمحامين والحقوقيين البارزين، والتي اشتدت منذ أن بدأ في تعزيز سيطرته على المؤسسات الأمنية في البلاد.
في أواسط سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات السعودية عشرات الأشخاص، بينهم رجال دين ومثقفين بارزين، فيما بدا أنه حملة منسقة ضد المعارضة. من بين الناشطين والمعارضين السعوديين الذين يقضون حاليا عقوبات سجن طويلة تستند فقط إلى نشاطهم السلمي: وليد أبو الخير، عبد العزيز الشبيلي، محمد القحطاني، عبد الله الحامد، فاضل المناسف، سليمان الرشيدي، عبد الكريم الخضر، فوزان الحربي، رائف بدوي، صالح العشوان، عبد الرحمن الحامد، زهير كتبي، علاء برنجي، ونذير الماجد.
قالت ويتسن: “على كل حكومة تؤمن بأن ولي العهد السعودي إصلاحي ونصير للمرأة المطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الناشطات والنشطاء الحقوقيين. لا يكون الإصلاح حقيقيا إذا كانت له عواقب مأساوية متمثلة بسجن النشطاء، وإذا كانت حرية التعبير ممنوحة فقط لمن يُسيء إليهم علانية”.