هيومن رايتس واتش: الإمارات: السجن 10 سنوات للناشط أحمد منصور

ahmad-mansour
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن على الإمارات الإفراج فورا عن أحمد منصور، الناشط الحقوق الحائز على جائزة دولية، وإسقاط حكم السجن 10 سنوات ضده بسبب اتهامات يبدو أنها تنتهك حقه في حرية التعبير.

أوقفت السلطات منصور، الحائز على “جائزة مارتين إينالز” للحقوقيّين في 2015 والعضو في اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، في 20 مارس/آذار 2017. احتُجز لأكثر من سنة في مكان مجهول بدون الحق بالاتصال بمحام وزيارات أسرية محدودة جدا، وحُكِم عليه في 29 مايو/أيار 2018.

قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “فضحت الإمارات نفسها على أنها دولة قمعية، يهمها سجن الحقوقيين أكثر من القيام بإصلاحات فعلية. طالما يقبع منصور في السجن، لن ينفع أي مبلغ مالي أو جيش من شركات العلاقات العامة في تبييض سمعة الإمارات”.

كان منصور، حتى توقيفه في 2017، أحد آخر الحقوقيين في الإمارات الذين ينتقدون السلطات علنا. ردد خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة الدعوة إلى إطلاق سراحه، واصفين توقيفه بأنه “هجوم مباشر على العمل المشروع الذي يمارسه المدافعون عن حقوق الإنسان في الإمارات”.

في 30 مايو/أيار، نقلت صحيفة “ذي ناشيونال” الإماراتية أن المحكمة حكمت على منصور بالسجن 10  سنوات وغرامة مليون درهم إماراتي (272 ألف دولار أمريكي)، و3 سنوات تحت المراقبة بعد انتهاء مدة الحكم ومصادرة أجهزته الإلكترونية. ونقلت الصحيفة أن المحكمة أدانت منصور بتهمة الإساءة إلى هيبة ومكانة الدولة ورموزها، بما في ذلك قادتها، ومحاولة زعزعة علاقة الإمارات بالدول المجاورة عبر نشر تقارير ومعلومات مغلوطة على وسائط التواصل الاجتماعي.

يكرر التقرير ما ورد في وكالة أنباء الإمارات “وام” الرسمية في 20 مارس/آذار بعد توقيف منصور. نقلت الوكالة أن السلطات أوقفت منصور بأمر من نيابة جرائم تقنية المعلومات لاستخدامه وسائل التواصل الاجتماعي لـ “نشر معلومات مغلوطة وإشاعات… وإثارة الفتنة والطائفية والكراهية والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، والإضرار بسمعة الدولة”. وصنّف التقرير ما ورد على أنه “جرائم معلوماتية”، مشيرا إلى أن التهم مبنية على انتهاكات مزعومة لقانون جرائم المعلوماتية الإماراتي القمعي لعام 2012، والذي استخدمته السلطات لسجن العديد من الناشطين. فهو ينص على فترات سجن طويلة وغرامات مالية.

في فبراير/شباط 2018، طلبت مجموعة منظمات حقوقية دولية من محاميَّيْن إيرلنديَّين السفر إلى أبو ظبي، عاصمة الإمارات، ليحاولا الوصول إلى منصور خلال فترة حبسه الاحتياطي. قدّمت السلطات معلومات متضاربة حول مكانه ومنعتهما من الوصول إليه. حسب موقع “غلف نيوز”، قال منصور في أول جلسة له في المحكمة إنه لم يتمكن من توكيل محام، فأوكلت له المحكمة محاميا.

الأشخاص الذين يفضحون انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات معرضون لخطر الاحتجاز التعسفي والسجن والتعذيب، وكثيرون منهم يمضون فترات سجن طويلة أو اضطروا إلى مغادرة البلاد.

في الأسابيع السابقة لآخر توقيف تعرض له، انتقد منصور محاكمات الإمارات بحق أشخاص بسبب جرائم تتعلق بحرية التعبير. كما استخدم حسابه على “تويتر” للإضاءة على انتهاكات حقوقية في المنطقة، بما فيها مصر واليمن. وقّع وناشطين آخرين في المنطقة رسالة مشتركة يدعون فيها القادة المجتمعين في قمة “جامعة الدول العربية” في الأردن، في مارس/آذار 2017، إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين في بلدانهم.

في أبريل/نيسان 2011، اعتقلت السلطات الإماراتية منصور على خلفية دعواته السلمية إلى الإصلاح، وفي نوفمبر/تشرين الثاني حكمت المحكمة الاتحادية العليا بسجنه 3 سنوات بتهمة إهانة كبار مسؤولي الدولة بعد محاكمة اعتُبرت غير عادلة. مع أن رئيس الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عفا عن منصور، لم ترد إليه السلطات جواز سفره، ما وضعه تحت حظر السفر. تعرّض أيضا للاعتداء الجسدي والتهديد بالقتل ووضعه تحت المراقبة وهجوم ببرامج تجسس متطورة.

في أغسطس/آب 2016، نقلت مجموعة “سيتيزن لاب”، ومقرها تورونتو، أن منصور تلقى رسائل نصية مشبوهة على هاتفه الـ “آيفون”، تدّعي تقديم معلومات حول تعذيب محتجزين في الإمارات وتدعوه إلى الضغط على الرابط. وجدت سيتيزن لاب أن الضغط على الرابط كان سيثبّت في هاتفه برنامج تجسس يسمح لمشغّل خارجي أن يتحكم بالهاتف والكاميرا، ويراقب تطبيقات المحادثات ويتتبع حركة المستخدم. تبلغ كلفة الطرق المشابهة لخرق الآيفون مليون دولار، ما دفع سيتيزن لاب إلى إطلاق اسم “معارض المليون دولار” على منصور.

بالرغم من إمكان منصور استئناف الإدانة الأخيرة، فإن المحاكمات في الإمارات، بما فيها محاكمتا منصور في 2018 و2011، تشوبها عادة شوائب قانونية وإجرائية.

تكفل المادة 32 من “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، والذي صادقت عليه الإمارات، الحق في حرية الرأي والتعبير واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة. ولا تخضع هذه الحقوق إلا للقيود التي يفرضها “احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”. أما المادة 13(2) من الميثاق، فتنص على أن تكون المحاكمات “علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان”.

قالت ويتسن: “الحُكم على منصور هو تذكير قاسٍ بتصميم الإمارات على القضاء على أي شكل من أشكال النقد أو الحوار حول الحقوق. على الحلفاء المفترضين للإمارات – واشنطن ولندن ضمنا – الدفاع عن منصور والمطالبة بالإفراج عنه”.

المصدر: هيومن رايتس ووتش