قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات السعودية اعتقلت سمر بدوي، الناشطة في حقوق المرأة المعروفة دوليا، ونسيمة السادة، الناشطة في المنطقة الشرقية، في اليومين الماضيين. بدوي والسادة آخر ضحايا حملة حكومية غير مسبوقة على حركة حقوق المرأة، بدأت في 15 مايو/أيار 2018 وأسفرت عن اعتقال أكثر من 12 ناشطة وناشطا.
تشتهر بدوي، الحاصلة على “الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة” الأمريكية لعام 2012، بتحدي نظام ولاية الرجل التمييزي في السعودية. كانت إحدى أوائل النساء اللواتي طالبن السلطات السعودية بالسماح للمرأة بقيادة السيارة وكذلك حق التصويت والترشح في الانتخابات البلدية. كما عملت السادة، وهي من مدينة القطيف الساحلية، في حملة طويلة من أجل إلغاء نظام ولاية الأمر ورفع حظر القيادة. كانت مرشحة في الانتخابات المحلية لعام 2015، وهي المرة الأولى التي يُسمح فيها للنساء بالترشح، لكن السلطات أزالت اسمها من بطاقة الاقتراع، ما منعها في النهاية من الترشح.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “يشير اعتقال سمر بدوي ونسيمة السادة إلى أن السلطات السعودية ترى أي معارضة سلمية، سابقة أو حالية، تهديدا لحكمها الاستبدادي. بعد الاعتقالات التعسفية الأخيرة لرجال أعمال وناشطات حقوق المرأة ورجال الدين الإصلاحيين، على حلفاء وشركاء السعودية التساؤل حول المعنى الحقيقي لـ ′الإصلاح′ في بلد يتجاهل سيادة القانون”.
قامت السلطات السعودية، تحت إشراف ولي العهد محمد بن سلمان، بتكثيف الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد المعارضين والناشطين منذ أوائل 2017. مع تصاعد الاعتقالات، كانت بدوي والسادة، مثل غيرهما من نشطاء حقوق المرأة الذين اعتقلوا مؤخرا، التزمتا الصمت في وسائل الإعلام الاجتماعي وغيرها من المنابر العامة.
استهدفت السلطات السعودية بدوي وضايقتها لسنوات. بالإضافة إلى دفاع بدوي عن المساواة للمرأة، قامت بحملة نشطة من أجل إطلاق سراح زوجها السابق وشقيقها من السجن. يقضي وليد أبو الخير، زوجها السابق، حكما بالسجن 15 عاما بسبب عمله الحقوقي، وشقيقها المدون رائف بدوي يقضي حكما بالسجن 10 سنوات بسبب تعبيره عن آراء مثيرة للجدل على الإنترنت. في ديسمبر/كانون الأول 2014، منعتها السلطات السعودية من السفر إلى الخارج، وفي يناير/كانون الثاني 2016، احتجزتها لفترة قصيرة بسبب مناصرتها السلمية لحقوق الإنسان.
في 30 يوليو/تموز، اعتقلت السلطات أيضا أمل الحربي، زوجة الناشط السعودي الرائد فوزان الحربيالذي يقضي حكما بالسجن 7 سنوات بسبب عمله مع “جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية”، وهي إحدى أولى المنظمات المدنية في البلد. من غير الواضح لماذا استهدفت السلطات السعودية الحربي.
بدأت حملة القمع الأخيرة ضد ناشطات حقوق المرأة قبل أسابيع من رفع الحظر على قيادة المرأة للسيارة الذي طال انتظاره في 24 يونيو/حزيران، وهو الحظر الذي شنت عديد من الناشطات المحتجزات حملات ضده. في حين أُطلق سراح بعضهن، لا تزال أخريات رهن الاعتقال دون تهمة. منهن لجين الهذلول وعزيزة اليوسف وإيمان النفجان ونوف عبد العزيز ومايا الزهراني وهتون الفاسي، وجميعهن ناشطات في حقوق المرأة، بالإضافة إلى أنصار الحملة، بمن فيهم المحامي إبراهيم المديميغ، ورجل الأعمال الخيرية عبد العزيز المشعل، والناشط الاجتماعي محمد الربيعة.
اتهمت السلطات عديدا من المعتقلين بارتكاب جرائم خطيرة، بما فيه “التواصل المشتبه فيه مع أطراف أجنبية”، بموجب حجج قانونية ضعيفة. نفذت وسائل الإعلام الحكومية حملة مقلقة ضدهم، واصفة إياهم بـ “الخونة”. نقلت صحيفة “عكاظ” السعودية أن 9 من هؤلاء المعتقلين سيحالون إلى المحكمة الجنائية المتخصصة، التي أنشئت أصلا لمحاكمة المعتقلين بقضايا الإرهاب. إذا أدينوا، يمكن أن يواجهوا ما يصل إلى 20 سنة في السجن.
كانت الدكتورة الفاسي، الأكاديمية الشهيرة وأستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود، من أوائل النساء اللاتي حصلن على رخصة قيادة سعودية. اعتقلتها السلطات السعودية قبل أيام من رفع الحظر. منذئذ، وُضعت العديد من ناشطات حقوق المرأة تحت حظر السفر.
لم تطالب ناشطات حقوق المرأة السعودية السلطات الحكومية المتعاقبة بإصلاح القوانين والسياسات التمييزية فحسب، بل سعين أيضا إلى تغيير نظرة المجتمع. أجرت الحكومة مؤخرا إصلاحات محدودة، بما فيها السماح للنساء بدخول بعض المهن التي كانت مغلقة في السابق أمامهن، فضلا عن رفع الحظر عن القيادة. إلا أن نظام ولاية الرجل، العائق الرئيسي أمام تفعيل حقوق المرأة، لا يزال قائما إلى حد كبير.
بموجب هذا النظام، على المرأة الحصول على إذن من ولي أمرها – الأب أو الأخ أو الزوج أو حتى الابن – للسفر إلى الخارج، والحصول على جواز سفر، والتسجيل في التعليم العالي، والإذن بالإجهاض المنقذ للحياة، والخروج من السجن أو المأوى، أو الزواج.
قالت ويتسن: “على الحلفاء والشركاء الذين ينظرون في فرص توثيق العلاقات مع السعودية خلال فترة ′الإصلاح′ هذه أن يرفعوا الصوت ضد قمع محمد بن سلمان ،الذي سيؤدي في نهاية الأمر إلى نتائج عكسية. أي رؤية اقتصادية تسعى إلى الانفتاح في السعودية، بينما تلقي بالإصلاحيين الحقيقيين في السجن، قد تأتي بنتائج سيئة على الجميع”.