قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن النيابة العامة في السعودية طلبت الإعدام لخمسة نشطاء من المنطقة الشرقية، منهم الناشطة الحقوقية إسراء الغمغام. يحاكم النشطاء، إلى جانب شخص آخر لا يواجه الإعدام، في محكمة الإرهاب بتهم تتعلق فقط بنشاطهم السلمي.
اتهمت النيابة العامة، التي تتبع الملك مباشرة، النشطاء المحتجزين بتهم عدة لا تشبه الجرائم المتعارف عليها، منها “المشاركة في المسيرات والمظاهرات في منطقة القطيف”، التحريض على التظاهر، “ترديد عبارات مناوئة للدولة”، “محاولة التأثير في الرأي العام وضد السلطة”، تصوير المسيرات ونشرها على وسائل الإعلام الاجتماعي، و”توفير الدعم المعنوي للمشاركين في التجمعات”. دعت النيابة العامة إلى تنفيذ حكم الإعدام على أساس مبدأ “التعزير” في الشريعة، والذي يكون للقاضي فيه حرية التصرف في تعريف الجريمة وتحديد الحكم. احتجزت السلطات جميع النشطاء الستة في الحبس الاحتياطي ودون تمثيل قانوني لأكثر من عامين. الجلسة المقبلة مقررة في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “كل إعدام مروع، لكن السعي إلى إعدام نشطاء مثل إسراء الغمغام، وغير متهمين حتى بأعمال عنف، أمر فظيع. يوما بعد يوم، يجعل استبداد السلطات السعودية غير المحدود أكثر صعوبة على فِرق العلاقات العامة أن تروّج قصة “الإصلاح” الخرافية بين حلفائها والشركات الدولية”.
الغمغام ناشطة شيعية معروفة بالمشاركة في المظاهرات الجماهيرية التي بدأت أوائل عام 2011 في المنطقة الشرقية وتوثيقها، والتي دعت إلى وقف التمييز الممنهج الذي يواجهه السعوديون الشيعة في البلد ذي الأغلبية السنية. اعتقلت السلطات الغمغام وزوجها في مداهمة ليلية لمنزلهما في 6 ديسمبر/كانون الأول 2015 وتحتجزهما في سجن المباحث بالدمام منذئذ.
قال ناشطون سعوديون لـ هيومن رايتس ووتش إن مطلب النيابة العامة الأخير يجعل الغمغام أول ناشطة قد تواجه الإعدام بسبب عملها الحقوقي، ما يشكل سابقة خطيرة للناشطات الأخريات اللاتي يقبعن حاليا وراء القضبان.
“المحكمة الجزائية المتخصصة” السعودية، التي أنشئت عام 2008 لمحاكمة قضايا الإرهاب، استُخدمت منذ تأسيسها بشكل متزايد لمقاضاة المعارضين السلميين. المحكمة مشهورة بتجاوزاتها لمعايير المحاكمة العادلة، وحكمت من قبل على نشطاء شيعة آخرين بالإعدام بتهم ذات دوافع سياسية. حكمت المحكمة على رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر، و7 رجال آخرين بالإعدام لدورهم في مظاهرات المنطقة الشرقية عام 2014، وعلى 14 شخصا آخرين في 2016 للمشاركة في الاحتجاجات. أعدمت السلطات السعودية النمر و3 رجال شيعة آخرين على الأقل في 2 يناير/كانون الثاني 2016، عندما نفذت أكبر إعدام جماعي منذ عام 1980، حين أعدمت 47 رجلا.
المعايير الدولية، ومنها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان” الذي صادقت عليه السعودية، تتطلب من الدول التي تحتفظ بعقوبة الإعدام استخدامها فقط في “الجنايات بالغة الخطورة” وفي ظروف استثنائية. تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع البلدان وفي أي ظرف. عقوبة الإعدام فريدة من نوعها في قسوتها وكونها لا رجعة عنها، وهي حتمية ويشوبها عالميا التعسف والتحيز والخطأ.
أدت حملة القمع الأخيرة ضد ناشطات حقوق المرأة في السعودية إلى اعتقال 13 امرأة على الأقل تحت ذريعة الحفاظ على الأمن القومي. في حين تم إطلاق سراح البعض منذ ذلك الحين، لا تزال أخريات رهن الاعتقال دون تهم، وهن: لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، نوف عبد العزيز، مياء الزهراني، هتون الفاسي، سمر بدوي، نسيمة السادة، وأمل الحربي. اتهمت السلطات العديد منهن بارتكاب جرائم خطيرة، كما شنت وسائل الإعلام المحلية حملة غير مسبوقة ضدهن، واصفة إياهن بـ “الخائنات”.
قالت ويتسن: “إذا كان ولي العهد جادا بالفعل بشأن الإصلاح، فعليه التدخل فورا لضمان عدم احتجاز أي ناشطة ظلما بسبب عملها الحقوقي”.