قبل شهر من الآن أصدرت منظمة “أنقذوا الأطفال” بياناً صحفياً تحذر فيه من أن 5.2 مليون طفل في اليمن هم عُرضة لخطر المجاعة وأنها وفقاً للأمم المتحدة قد تكون “أسوأ مجاعة يشهدها البلد منذ 100 عام”. هل اليمن على شفا المجاعة؟
إن تعريف المجاعة هو أن تتضرر مجموعات كبيرة من السكان، من البالغين والأطفال، من نقص في الغذاء مصحوب بأمراض ناتجة عن هذا النقص، ووفاة الناس من جراء ذلك. أو وجود معدلات مرتفعة من سوء التغذية الشديد الحاد ومعدلات وفاة مرتفعة كما كان الحال مثلاً في إثيوبيا عام 1984 وجنوب السودان عام 1998 وأنغولا عام 2002، وفي الآونة الأخيرة في مناطق نائية من شمال نيجيريا عام 2016. ولا ينطبق هذا الوصف على مانراه في مشاريعنا التي نعالج فيها الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في محافظات حجة وإب وتعز وعمران وصعدة حيث تعمل منظمة أطباء بلا حدود. أضف إلى ذلك أن البيانات الواردة من المراكز الصحية التي ندعمها في هذه المناطق لا تشير إلى وجود جيوب مجاعة ولا إلى مجاعة وشيكة.
على ماذا تستند تحذيرات المجاعة هذه؟
ما الذي تشاهده طواقمنا في الميدان؟
فيما يخص سوء التغذية، أكثر ما نراه هو أطفال صغار مصابين بسوء تغذية حاد شديد وسبب ذلك غالباً أنهم فُطِموا عن حليب أمهاتهم قبل الأوان أو تبعاً لظروف موجودة مسبقاً تؤدي إلى سوء التغذية. نعالج هؤلاء الأطفال بأغذية علاجية ذات قيمة غذائية عالية ونستخدم الأدوية لعلاج الأمراض الموجودة مسبقاً المسؤولة عن سوء التغذية. لكن هنالك أماكن تزداد فيها معدلات سوء التغذية الحاد الشديد. وبحسب بيانات جُمعت في مستشفانا في خمر فهذا هو الوضع في محافظة عمران. مثلاً في شهر سبتمبر/أيلول 2018 استقبل المستشفى ضعف عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. لكن الوضع يختلف من منطقة إلى أخرى في اليمن.
ما نراه هو تدهور عام في الظروف المعيشية للسكان، إذ لا يتوفر لهم الوصول إلى المراكز الصحية إلا بقدر ضئيل جداً إما لأنها دُمِّرت أثناء المعارك أو باتت خالية من طواقمها الذين لم يحصلوا على رواتبهم منذ أغسطس/آب 2016. نرى مدنيين عالقين من جراء الغارات الجوية المكثفة لا سيما في شمال البلاد، وآخرين أصيبوا أو نزحوا نتيجة المعارك على الأرض. وبحسب معلومات صادرة عن “مشروع بيانات اليمن” – وهي شبكة لجمع البيانات مستقلة عن أطراف النزاع – فإن نحو ثلث الغارات الجوية التي شُنَّت منذ مارس/آذار 2015 قد استهدفت مواقع غير عسكرية، كما أن قصف المركبات المدنية في 2018 كان أكثر منه في العام السابق.
الوضع الاقتصادي في تدهور واضح، فالقدرة الشرائية قد انهارت وثمن دقيق القمح ارتفع بنسبة 80 في المئة عما كان عليه قبل الحرب وارتفع سعر البنزين بنسبة 130 في المئة. تتيح الأعراف الاجتماعية في اليمن للفئات الأكثر ضعفاً الحصول على الدعم من مجتمعاتهم، الأمر الذي يخفف من آثار نقص الغذاء لبعض الأُسر على الأقل. لكن اليمنيين يموتون أيضاً بسبب عدم قدرتهم على دفع تكاليف المواصلات للوصول إلى المرافق الصحية التي لم يتبقى منها قيد العمل سوى القليل جداً في البلاد. هذه هي بعض العقبات التي تواجه الناس في اليمن، وتقوم أطباء بلا حدود بما في وسعها لمساعدتهم بالرغم من العقبات الأمنية ومشاكل الوصول بالغة الصعوبة.