قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السعودية واجهت تدقيقا دوليا في سجلها الحقوقي أمام “مجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حيث ضغطت الدول من أجل اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات.
قدم ممثلو الدول الذين اجتمعوا في جنيف للمراجعة الدورية لسجل حقوق الإنسان في السعودية توصيات تضمنت الإفراج الفوري عن النشطاء السعوديين – بمن فيهم ناشطات قيادة المرأة – المسجونين فقط بسبب دعوتهم السلمية للإصلاح. دعت الدول أيضا إلى إنهاء التمييز ضد المرأة، وطالبت بالعدالة للصحفي المقتول جمال خاشقجي، بما في ذلك مساءلة قاتليه.
قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “تملك دول عديدة سجلا إشكاليا، لكن السعودية الأبرز من بينها بسبب مستويات القمع الشديدة التي ظهرت بوضوح إثر القتل الوحشي لخاشقجي. على السعودية الاستجابة للانتقادات الدولية لسجلها في مجال حقوق الإنسان وإجراء تغييرات فعلية، بما فيها الإفراج الفوري عن المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين كخطوة أولى”.
شملت التوصيات احترام حرية التعبير وحقوق المدافعين عن حقوق الإنسان. منذ استلام محمد بن سلمان ولاية العهد في يونيو/حزيران 2017، صعّدت السلطات السعودية حملة قمع منسقة ضد المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان.
في 15 مايو/أيار، قبل أسابيع من رفع السلطات السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في 24 يونيو/حزيران، شرعت السلطات باعتقال ناشطات حقوقيات بارزات، واتهمت العديد منهن بجرائم خطيرة مثل الخيانة، التي يبدو أنها مرتبطة مباشرة بنشاطهن. بحلول سبتمبر/أيلول، بقيت 9 نساء على الأقل رهن الاعتقال من دون توجيه تهم إليهن، رغم أن بعض التهم المنتظرة يمكن أن تشمل أحكاما بالسجن تصل إلى 20 عاما. النساء التسع هن: لجين الهذلول، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، نوف عبد العزيز، مياء الزهراني، هتون الفاسي، سمر بدوي، نسيمة السادة، وأمل الحربي.
يقبع أكثر من 12 ناشطا بارزا أدينوا بتهم متعلقة بأنشطتهم السلمية في السجن لقضاء أحكام طويلة. يضمّ هؤلاء المحامي في مجال حقوق الإنسان، وليد أبو الخير، الذي يقضي حكما بالسجن لمدة 15 عاما صادر عن المحكمة الجنائية المتخصصة عام 2014، بتهم متعلقة فقط بانتقاده السلمي لانتهاكات حقوق الإنسان في مقابلات إعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
فيما يتعلق بقتل خاشقجي، شملت التوصيات خلال جلسة 5 نوفمبر/تشرين الثاني دعوة “فريق من الخبراء الدوليين للمشاركة في التحقيق”، وكذلك التعاون مع مجلس حقوق الإنسان الأممي في إنشاء آلية مختلطة للتحقيق المستقل والمحايد”. في 20 أكتوبر/تشرين الأول، اعترفت السعودية أن موظفين رسميين نفّذوا بصفة سعودية قتل خاشقجي في قنصلية البلاد بإسطنبول في تركيا في 2 أكتوبر/تشرين الأول.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الدول الأخرى رفض محاولات تبرئة السعودية من مقتل خاشقجي، وإن على الأمم المتحدة أن تفتح تحقيقا مستقلا لتحديد ظروف عملية القتل. على التحقيق أن يتضمّن تحديد دور السعودية، والمسؤولين عن التفويض والتخطيط وتنفيذ القتل الوحشي على ما يبدو.
واجهت المملكة دعوات للالتزام بـ “القانون الدولي الإنساني” في عملياتها العسكرية باليمن. ارتكب التحالف الذي تقوده السعودية انتهاكات كثيرة للقانون الدولي الإنساني، بما فيها جرائم حرب على ما يبدو، ولم يجرِ تحقيقات هادفة ونزيهة في الانتهاكات المزعومة. لم يرقَ عمل “الفريق المشترك لتقييم الحوادث”، الذي أنشأه التحالف عام 2016، إلى مستوى المعايير الدولية في الشفافية والنزاهة والاستقلالية. منذ سبتمبر/أيلول، برّأ الفريق التحالف من المخالفات في الغالبية العظمى من الضربات الجوية التي كانت قيد التحقيق.
أوصى ممثلو الدول بأن تضع السعودية حدا للتمييز ضد المرأة، بما فيه إنهاء نظام ولاية الرجل التمييزي، الذي بموجبه لا يُسمح للنساء بالتقدم بطلب للحصول على جواز سفر أو الزواج أو السفر أو إطلاق سراحهن من السجن من دون موافقة ولي الأمر الذكر، وعادة ما يكون الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن. حثّت إحدى الدول المملكة على ضمان حقوق المرأة عن طريق سن تشريع لمكافحة التمييز.
واجهت السعودية عددا من الدعوات لوضع حد لعقوبة الإعدام أو تبني وقف تنفيذ أحكام الإعدام، لا سيما بالنسبة للأطفال الجانحين والأشخاص المدانين “بجرائم غير خطيرة”. أعدمت السعودية أكثر من 650 شخصا منذ الاستعراض الدوري الشامل السابق في عام 2013، منهم 200 لجرائم مخدرات لاعنفية. تتطلب المعايير الدولية، بما فيها “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صادقت عليه السعودية، من الدول التي تستمرّ في تطبيق عقوبة الإعدام استخدامها فقط في “أشد الجرائم خطورة” وفي ظروف استثنائية.
في عام 2018، بدأت السلطات السعودية بالسعي إلى فرض عقوبة الإعدام ضد معارضين في محاكمات لم تتضمن اتهامات بالعنف، بما فيها دعم التظاهرات والانتماء المزعوم لجماعة “الإخوان المسلمين”. ينتظر بعض الرجال تنفيذ حكم الإعدام بسبب ارتكابهم جرائم عندما كانوا أطفالا.
قال ممثلو الدول أيضا إن على السعودية الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الرئيسية لحقوق الإنسان، بما فيها “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، اللذان يشكلان مع “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. السعودية هي إحدى دول العالم القليلة التي لم توقع تلك المعاهدات أو تصادق عليها، رغم ادعاء ممثلي السعودية منذ عام 2009 أن التصديق قيد الدراسة.
قال مايكل بَيْج: “على العالم أن ينتهز هذه الفرصة للمطالبة بالعدالة في انتهاكات حقوق الإنسان والممارسات المسيئة في السعودية، التي تستمرّ بعضها منذ عقود”.