استمر قمع حرية التعبير عن القضايا السياسية على نطاق واسع، حيث سجن العديد من المعارضين البارزين بتهم تتصل بمواد إضافية قاموا بنشرها أو بتصريحات لهم. كما استمر المنع الرسمي لالحتجاجات العامة في العاصمة. وفرضت الحكومة قيودا تكوين الجمعيات والانضمام إليها بإجراء تعديلات تشريعية كانت لها آثارها التمييزية بحكم الأمر الواقع على الطائفة الشيعية. وواصلت السلطات فرض عقوبة التجريد من الجنسية كعقوبة جنائية ضد من يدانون في قضايا أمنية، فجردت ما يقرب من 300 شخص من جنسيتهم. ورافقت أولى محاكمات المدنيين أمام محكمة عسكرية تقارير عن تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، لم يتم التحقيق فيها بصورة كافية. واستمرت الطبيعة العقابية طاغية على إجراءات السجون البحرينية، حيث تعرض السجناء للإذلال، وحرموا من الرعاية الطبية، أو جرى التأخر في توفيرها لهم دون مبرر. وواجهت النساء التمييز في القانون والواقع الفعلي. كما واجه العمال الأجانب الاستغلال. واستمرت البحرين، في 2018، في إصدار أحكام اإلعدام، رغم عدم تنفيذ أي حكم بالإعدام. وظلت البلاد مغلقة في وجه المراقبين الخارجيين المستقلين.
خلفية
عقدت البحرين انتخابات لأعضاء المجلس الوطني (مجلس النواب) غير المعينين في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد حل جميع الجمعيات السياسية المعارضة ومنعها من تقديم مرشحين لالنتخابات، ولم تتمكن أية شخصية سياسية معارضة من الترشح. كما ظلت البحرين جزءا من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية المتوِّرط في النزاع المسلح في اليمن وجزءا الأزمة الإقليمية الخليجية التي شهدت قطع كل من البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عالقاتها مع قطر في 2017.
حرية التعبير
استمر قمع حرية التعبير عن الرأي بشأن القضايا السياسية على نطاق واسع، بينما أودع العديد من المعارضين السياسيين البارزين السجن بتهم تتعلق بتعبيرهم عن آرائهم. فمنذ 2016 ،ويتعرض معظم المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين للسجن، ولإسكات صوتهم، أو للانتقال إلى خارج البالد.
فقد ظل المدافع عن حقوق الإنسان وسجين الرأي نبيل رجب يقضي عدة أحكام بالسجن استندت إلى تعبيره عن آرائه، بينما استمر توجيه تهم جديدة إليه على الأساس نفسه. وفي يناير/كانون الثاني، أيدت أعلى سلطة قضائية في البحرين، وهي محكمة التمييز، إدانته لانتقاده السلطات في مقابلة تلفزيونية بسبب رفضها السماح بدخول الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان إلى البلاد. وفي فبراير/شباط، أصدرت محكمة جنائية حكما بالسجن خمس سنوات عليه لنشره تعليقات على “تويتر” حول الحرب ي اليمن وسوء المعاملة في سجون البحرين. وقد أيدت هذه الإدانة محكمة الاستئناف في يونيو/حزيران ومحكمة التمييز في 31 ديسمبر/كانون الأول.
كما ظل وراء القضبان، طيلة 2018 ،علي سلمان، الأمين العام “لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية” (الوفاق)، أكبر جمعيات المعارضة السياسية في البحرين، بتهم تتعلق بحرية التعبير عن الرأي، ويواجه تهما جديدة زائفة “بالتجسس” تتعلق بنقاشات هاتفية كان قد أجراها مع مسؤولين قطريين كبار إبان انتفاضة البلاد في 2011 .ومع أنه ُبرئ من تهم التجسس في يونيو/حزيران، إلا أن محكمة الاستئناف ألغت الحكم في نوفمبر/تشرين الثاني، وأصدرت عليه حكما بالسجن المؤبد.
حرية التجمع وتكوين الجمعيات والانضمام إليها
استمر الحظر الرسمي المفروض على الاحتجاجات العامة في العاصمة، المنامة، قائما، بينما اتخذت الحكومة عدة خطوات لفرض المزيد من القيود القانونية على الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها. ففي يونيو/حزيران، عدلت البحرين “قانون الجمعيات” لمنع أعضاء الجمعيات السياسية من المشاركة في الهيئات الإدارية لمنظمات المجتمع المدني. وفي الشهر نفسه، أجرت الحكومة مراجعة قانون “بشأن مباشرة الحقوق السياسية” بغرض منع “قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة” من الترشح للمناصب العامة، فحرمت جماعات المعارضة الدينية والعلمانية الرئيسية في البحرين من إشغال المناصب العامة. وترتبت على كلا القانونين آثار تمييزية بحكم الأمر الواقع حالت دون مشاركة القيادات الشيعية، المعارضة بغالبيتها، في الحكم والحياة السياسية المدنية.
التجريد من الجنسية وانعدام الجنسية
واصلت البحرين خلق فئة من السكان بدون جنسية داخل حدودها من خلال عملية التجريد من الجنسية كعقوبة جنائية للذين يدانون في قضايا تتعلق بالأمن الوطني. وقد أحصت منظمة العفو الدولية نحو 300 شخصا جردوا من جنسيتهم في 2018 ،ما أوصل إجمالي عدد من جردوا من جنسيتهم منذ 2012 إلى ما يزيد عن 800 شخص . وطردت الحكومة البحرينية أربعة من مواطنيها السابقين في يناير/كانون الثاني، وهاجر عدد كبير من البلاد، وبصورة رئيسية إلى إيران والعراق وأوروبا؛ بينما ظل من بقوا في البحرين يعيشون كمقيمين بشروط، ويواجهون التهميش الاجتماعي والاقتصادي. حيث لم يتمتع الأشخاص من غير المواطنين بصورة آلية بالحق في الحصول على ما تقدمه الحكومة من مكتسبات تقدم في العادة إلى معظم السكان الأصليين، كدعم السكن؛ وظل من غير المرجح أن يوظف هؤلاء في القطاع العام، الذي يشكل القسط األكبر من سوق العمل.
المحاكمات الجائرة
في 2018 ،استمر ورود تقارير ذات مصداقية عن تفشي عمليات الإكراه أثناء التحقيق، بما في ذلك استخدام التعذيب وسوء المعاملة، وبخاصة في قضايا الأمن الوطني، لانتزاع “الاعترافات”، التي يسمح بعد ذلك باستخدامها في المحكمة كدليل إدانة ضد المتهم. وفي يناير/كانون الثاني، أدانت محكمة عسكرية مدنيين، بينهم أفراد كانوا قد تعرضوا للاختفاء القسري. وكانت أول محاكمة عسكرية لمدنيين منذ 2011 ،والأولى التي يحاكم فيها أشخاص بموجب نظام القضاء العسكري البحريني الجديد لقضايا الأمن الوطني. كما استمرت محاكمة أعداد كبيرة للغاية من المتهمين في القضايا نفسها أمام المحاكم المدنية، من بينها محاكمة جماعية عقدت في يونيو/حزيران وجرد فيها 115 متهم من جنسيتهم البحرينية.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
رافقت تقارير بالتعرض للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أول محاكمة عسكرية لمتهمين مدنيين في البحرين منذ 2011 ، ولم يجر فتح تحقيق كاف في مزاعم هذا التعذيب. ونفت “المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان”، في استعراض قامت به بأثر رجعي واستندت فيه بصورة كبيرة إلى روايات السلطات البحرينية بشأن ادعاءات التعذيب، وقوع تعذيب رغم أن الأدلة التي قامت باستعراضها اتسقت مع احتمال وقوع التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة.
وظلت الإجراءات في سجون البحرين تخضع للاعتبارات العقابية التعسفية، والمعاملة المهينة للسجناء، وحرمان السجناء من الرعاية الطبية أو التأخير في تقديمها دون مبرر. وواجه السجناء الذين يعانون من أمراض بالغة الخطورة مثل السرطان والتصلب المتعدد تأخير غير مقبول في تلقي أدويتهم، ونادرا ما كان ُيستجاب لطلبات إجراء العمليات الجراحية اللازمة للتخفيف من الألم المزمن – في بعض الحالات التي ُيزعم أنها ناجمة عن إصابات وقعت على أيدي قوات الأمن أو حراس السجن. ففي حالة مشينة، ظل أحمد ميرزا إسماعيل، صهر الزعيم الشيعي السياسي الشيخ علي سلمان، محرو ًما من الدواء لعالج مرض فقر الدم المنجلي – وهو مرض دموي مؤلم للغاية – وكان في حاجة إلى عملية استئصال المرارة منذ صيف 2016 .أثبتت األمانة العامة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية عدم االستجابة أو عدم الفعالية في معالجة شكاوى اإلهمال الطبي في معظم الحاالت التي وثقتها منظمة العفو الدولية. أخضعت السلطات نبيل رجب ومجموعة من 11 سجين رأي محتجزين في سجن جو لمختلف أشكال المضايقات واإلهانة. ففي أسوأ صورة من صور سوء المعاملة، واصلت إدارة السجن رفض توفير الرعاية الطبية المناسبة ألفراد المجموعة إال وهم مكبلون باألصفاد. ومع أن توزيع األدوية ال يحتاج إلى مغادرة السجناء الزنازين، إال أن إدارة السجن رفضت إعطاء سجين الرأي حسن مشيمع كل أدويته ما لم يخضع لرحالت ذهاب وإياب باألصفاد إلى عيادة السجن الصحية. ونتيجة لذلك، اضطر، في يناير/كانون الثاني، إلى دخول المستشفى إلصابته بفرط ارتفاع نسبة السكر في الدم. ً وفي س على بتمبر/أيلول، اعتدت موظفات الحراسة التابعات إلدارة السجن في “مركز إصالح وتأهيل النزيالت بمدينة عيسى” بدنيا سجينات الرأي هاجر منصور حسن، ونجاح أحمد يوسف، ومدينة علي أحمد، عندما حاولن إقامة الشعائر الدينية للشيعة بمناسبة يوم عاشوراء مع سجينات أخريات. وعقب ذلك مباشرة فرضت قيود جديدة على جميع النزيالت في سجن مدينة عيسى للنساء، بما في ذلك االحتجاز المتواصل في الزنازين طيلة 23 ساعة. ويشير التوقيت وعدم وجود أي داع إداري أو أمني باد للعيان إلى أن هذه القيود كانت عقوبة جماعية خالصة. وبررت “المؤسسة الوطنية لحقوق اإلنسان” هذه الحادثة بوصفها “استخدام معقول للقوة… لكفالة سالمة النزيالت”، ولم تجد غضاضة في سياسة السجن بإغالق الزنازين المطو ل أو غير ذلك من اإلجراءات التقييدية.
حقوق المرأة
واجهت النساء التمييز في القانون وفي الواقع الفعلي. واستمر حصر منح الجنسية لألبناء باآلباء البحرينيين، فلم تتمكن النساء البحرينيات الالتي أنجبن أبناء من آباء غير بحرينيين من منح الجنسية البحرينية ألبنائهن.
العمال المهاجرون
استمر تعر ض العمال األجانب لالستغالل في العمل. وشارك مئات العمال في أعمال احتجاجية في يونيو/حزيران لطلب أجورهم غير المدفوعة. ولم تستجب الحكومة لطلبات منظمة العفو الدولية تزويدها بمعلومات بشأن أوضاع عمال الشركة الهندسية في عدة دول خليجية، ولم تدفع رواتب العديد ممن يعملون فيها لسنوات.
عقوبة الإعدام
استمرت البحرين في إصدار أحكام اإلعدام في 2018 ،رغم عدم تنفيذ أي حكم باإلعدام. وشهدت بعض القضايا الفردية تطورات ً ضد محمد رمضان حسين وحسين على محمد، في ضوء إيجابية، حيث أعلن القضاة عن مراجعة حكمي اإلعدام الصادرين سابقا ظهور أدلة جديدة وجدتها “وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة”، وقام الملك بتخفيف عدة أحكام باإلعدام أصدرتها محاكم عسكرية ضد مدنيين إلى السجن المؤبد.
دخول البلاد
ظلت أبواب البحرين في 2018 مغلقة في وجه المراقبين األجانب المستقلين، وواصلت الحكومة عدم السماح لمنظمة العفو الدولية بدخول البالد. ولم تتمكن هيئات عديدة لحقوق اإلنسان تابعة لألمم المتحدة من زيارة البالد. وكرر “الفريق العامل لألمم المتحدة المعني باالحتجاز التعسفي” طلبه السابق الذي قدمه في يناير/كانون الثاني 2017 للسماح له بزيارة البالد. كما أصدر “الفريق العامل المعني بحاالت االختفاء القسري” مذكرته الثالثة بشأن طلبه القيام بزيارة ظل ينتظر الرد عليها منذ 2015 .وال تزال طلبات المقررين الخاصين التابعين لألمم المتحدة المعنيين بالتعذيب وبحرية التجمع وتكوين الجمعيات للزيارة تنتظر الرد منذ 2011؛ بينما واصل “المقرر الخاص المعني بالتعذيب” إرسال طلباته المتكررة لزيارة البحرين ولكن دون جدوى.
المصدر: