صعَّدت السلطات من قمع حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وتعرَّض عشرات من منتقدي الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك ناشطات حقوق المرأة وأفراد الأقلية الشيعية وأهالي النشطاء، للمضايقة والاحتجاز التعسفي والمحاكمة على أيدي السلطات. واستمرت محاكمة عدد من النشطاء ورجال الدين الشيعة أمام محكمة مختصة بقضايا الإرهاب، وذلك بسبب تعبيرهم عن آراء معارضة. كما استخدمت السلطات عقوبة الإعدام على نطاق واسع، فنفَّذت عشرات الإعدامات بالنسبة لمجموعة من الجرائم، بما في ذلك جرائم المخدرات. وأُعدم بعض الأشخاص، ومعظمهم من الأقلية الشيعية، إثر محاكمات فادحة الجور. ونفَّذت السلطات إصلاحات كبرى أُدخلت على نظام ولاية الرجل الذي يتسم بالقمع، بما في ذلك السماح للمرأة بالحصول على جواز سفر، وبالسفر دون الحصول على إذن من ولي أمر من الذكور، وكذلك السماح لها بالوصاية على أبنائها. إلا إن المرأة ظلت تواجه التمييز المنظم في القانون وفي الواقع الفعلي في مجالات أخرى، كما ظلت تفتقر إلى الحماية الكافية من العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف. ومنحت السلطات مئات الآلاف من المواطنين الأجانب الحق في العمل والتعليم والرعاية الصحية، ولكنها اعتقلت ورحَّلت مئات الآلاف من العمال الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية، ممن سبق أن تعرضوا لانتهاكات العمل وللاستغلال على أيدي أصحاب الأعمال، وكذلك للتعذيب أثناء احتجازهم لدى السلطات. وظل التمييز المجحف ضد الأقلية الشيعية متأصلاً.
خلفية
تولت المملكة العربية السعودية، في ديسمبر/كانون الأول، رئاسة “مجموعة العشرين”، ومن المقرر أن يُعقد الاجتماع القادم للمجموعة في العاصمة السعودية الرياض، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020. وقبل ذلك، كانت السلطات قد أعلنت عن عدة إصلاحات، بما في ذلك استحداث تأشيرات دخول سياحية لمواطني 49 دولة.
وما زالت السلطات ترفض السماح لمنظمة العفو الدولية بدخول المملكة العربية السعودية. ففي يناير/كانون الثاني، دعت المنظمة السلطات إلى السماح لها ولغيرها من المراقبين المستقلين بزيارة نشطاء محتجزين، بما في ذلك بعض المدافعات عن حقوق الإنسان، وذلك إثر ادعاءات عن تعرض ما لا يقل عن 10 من النشطاء المحتجزين للتعذيب والمعاملة السيئة، والتحرش الجنسي.[1] ولم تتلق منظمة العفو الدولية أي رد. كما بعث كل من “المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين” و”المقرر الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان” برسائل إلى السلطات السعودية للتذكير بطلبهما زيارة البلاد في عام 2019، ولكن لم ترد أنباء عن تلقيهما أي رد.
وظلت المملكة العربية السعودية عضواً في التحالف الذي يفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على قطر، وهو يضم أيضاً البحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة.
كما ظلت المملكة العربية السعودية تشارك في قيادة التحالف الضالع في جرائم حرب وانتهاكات أخرى جسيمة للقانون الدولي في اليمن المجاور (انظر باب اليمن). وفي سبتمبر/أيلول، استهدف هجوم بطائرات مُسيَّرة بدون طيار منشآت لشركة “أرامكو” للنفط، المملوكة للدولة، في مدينة بقيق بالمنطقة الشرقية، وأدى إلى تخفيض إنتاج المملكة من النفط بحوالي النصف لعدة أسابيع. وقد أعلنت قوات “الحوثيين” في اليمن مسؤوليتها عن الهجوم.
حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
صعَّدت السلطات من قمع حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، بما في ذلك قمع أشكال التعبير عبر الإنترنت. وتعرض عدد من منتقدي الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأفراد الأقلية الشيعية، وأهالي النشطاء للمضايقة وللاحتجاز التعسفي، والمحاكمة على أيدي السلطات.
ففي أبريل/نيسان، قبضت السلطات بشكل تعسفي على 14 شخصاً بسبب دعمهم السلمي لحركة حقوق المرأة وللمدافعات عن حقوق الإنسان. وكان من بين هؤلاء صلاح الحيدر، وهو ابن عزيزة اليوسف، التي مازالت تُحاكم بسبب نشاطها في الدفاع عن حقوق المرأة؛ وعبد الله الدحيلان، وهو صحفي وروائي ومدافع عن حقوق الفلسطينيين؛ وفهد أبا الخيل، وهو من مؤيدي حملة قيادة المرأة للسيارة. وكان أولئك المقبوض عليهم لا يزالون رهن الاحتجاز بدون تهمة أو محاكمة بحلول نهاية العام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، احتجزت السلطات بشكل تعسفي مالا يقل عن 10 من الرجل والنساء لمدة أسبوع، وكان من بينهم رواد أعمال وكتاب ومثقفون. ويعتقد الناشطون أن معظمهم قد أُفرج عنهم بدون توجيه تهم لهم.
وواصلت السلطات محاكمة أشخاص أمام “المحكمة الجزائية المتخصصة”، وهي محكمة لقضايا الإرهاب، بتهم ناجمة عن تعبيرهم السلمي عن آرائهم، وفي بعض الحالات بتهم يُعاقب عليها بالإعدام. ولا يزال رجل الدين الشيخ سلمان العودة، الذي احتُجز تعسفياً منذ سبتمبر/أيلول 2017، تحت طائلة الإعدام، وذلك بعد أن طالبت النيابة العامة بإعدامه لعدة تهم، من بينها ما زُعم عن انتمائه إلى جماعة “الإخوان المسلمين”، ودعواته إلى إجراء إصلاحات حكومية، وإلى تغيير النظم الحاكمة في البلدان العربية.
ولم تسمح السلطات بإنشاء أحزاب سياسية أو نقابات عمالية أو جماعات مستقلة لحقوق الإنسان، وواصلت محاكمة وسجن أولئك الذين أنشأوا أو شاركوا في إنشاء منظمات غير مرخَّصة لحقوق الإنسان. كما ظلت جميع التجمعات، بما في ذلك المظاهرات السلمية، محظورة بموجب الأمر الذي أصدرته وزارة الداخلية في عام 2011.
المدافعون عن حقوق الإنسان
واصلت السلطات القبض على المدافعين عن حقوق الإنسان ومحاكمتهم وسجنهم بسبب أنشطتهم السلمية وعملهم في مجال حقوق الإنسان، وذلك بموجب عدة قوانين، من بينها “قانون مكافحة الإرهاب”، و”قانون مكافحة جرائم المعلوماتية”، الذي يجرِّم انتقاد السياسات والممارسات الحكومية عبر الإنترنت، وذلك التعليق على الأحداث الجارية. وبحلول نهاية لعام، كان جميع السعوديين المدافعين عن حقوق الإنسان تقريباً رهن الاحتجاز بدون تهم، أو يخضعون للمحاكمة، أو يقضون أحكاماً بالسجن.
وفي مارس/آذار، أُحيل إلى المحاكمة أمام المحكمة الجزائية في الرياض 11 من الناشطات، من بينهن المدافعات عن حقوق الإنسان لُجين الهذلول؛ وإيمان النفجان؛ وعزيزة اليوسف، وذلك بعد أن أمضين أكثر من عام رهن الاحتجاز. وفي يونيو/حزيران، أي بعد ثلاثة أشهر، أُحيلت إلى المحاكمة اثنتان أخريان من المدافعات عن حقوق الإنسان، وهما سمر بدوي؛ ونسيمة السادة.[2] وقد عُقدت المحاكمة في جلسات مغلقة، ومُنع الدبلوماسيون والصحفيون من حضورها. واتُهمت عدة ناشطان بالاتصال بوسائل إعلام أجنبية، وبغيرهن من الناشطات، وبمنظمات دولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية. كما اتُهم البعض بالدعوة إلى “إعمال حقوق المرأة” و”إنهاء نظام ولاية الرجل”. وقد أُفرج مؤقتاً عن ثمانٍ من الناشطات الثلاث عشرة خلال عام 2019، بينما ظلت المدافعات الخمس عن حقوق الإنسان رهن الاحتجاز. وكان الثلاث عشرة جميعهن لا يزلن خاضعات للمحاكمة بحلول نهاية العام.
واستمرت السلطات تحتجز بشكل تعسفي عدداً من المدافعين عن حقوق الإنسان لفترات طويلة بدون إحالتهم إلى أحد القضاة أو توجيه تهم لهم. فقد ظل محمد البجادي، وهو من مؤسسي “جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية”، رهن الاحتجاز بدون تهمة أو محاكمة منذ القبض عليه في مايو/أيار 2018.
وفي يوليو/تموز، أُحيل محمد العتيبي، الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة 14 سنة بسبب نشاطه في مجال حقوق الإنسان، للمحاكمة أمام “المحكمة الجزائية المتخصصة” بتهم إضافية تتعلق باتصاله بمنظمات دولية وبمحاولته الحصول على لجوء سياسي في عام 2017. وكان العتيبي لا يزال يُحاكم بالتهم الجديدة في نهاية عام 2019.
منتقدو الحكومة في الخارج
في سبتمبر/أيلول، مع حلول الذكرى السنوية الأولى لإعدام الصحفي السعودي جمال خاشقجي خارج نطاق القضاء في قنصلية المملكة العربية السعودية في اسطنبول، صرَّح ولي العهد بأنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن مقتل الصحفي، لأنه “حدث وأنا في موقع السلطة”، على حد تعبيره. وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلنت النيابة العامة أن ثمانية أشخاص من المشتبه في ضلوعهم في عملية القتل قد أُدينوا، وحُكم على خمسة منهم بالإعدام وعلى ثلاثة بأحكام بالسجن. وسمحت السلطات لدبلوماسيين بحضور جميع جلسات المحاكمة، التي بدأت في يناير/كانون الثاني، ولكنها منعت الصحفيين والجمهور الأوسع من الحضور، ولم تقدم معلومات عن الإجراءات المتبعة، ومن ثم حالت دون المراقبة المستقلة للمحاكمة.[3]
وتقاعست المملكة العربية السعودية عن التعاون في التحقيق الذي تجريه “المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً” التابعة للأمم المتحدة بخصوص مقتل جمال خاشقجي. وقد انتهى التحقيق في يونيو/حزيران، وخلص إلى أن جمال خاشقجي كان ضحية عملية قتل خارج نطاق القضاء نُفِّذت بشكل متعمد مع سبق الإصرار، وأن المملكة العربية السعودية تتحمل المسؤولية عنها. وتوصلت المقررة الخاصة إلى “وجود أدلة موثوق بها تستدعي المزيد من التحقيق بشأن المسؤولية الفردية لمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى، بما في ذلك مسؤولية ولي العهد. كما كشف تقرير التحقيق عن انتهاكات ارتكبها مسؤولون تابعون للسلطات السعودية، أو عناصر غير تابعة للدولة مرتبطة بها، ضد معارضين آخرين في الخارج، بما في ذلك عمليات اختطاف، واختفاء قسري، وتهديدات، ومضايقات ومراقبة إلكترونية، بالإضافة إلى تهديدات نفسية تستهدف أهالي النشطاء المحتجزين.[4]
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، وجَّه محققون اتحاديون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى اثنين من الموظفين السابقين في موقع “تويتر” تهمة التجسس لحساب المملكة العربية السعودية، عن طريق الوصول إلى معلومات عن معارضين يستخدمون “تويتر”. ومن بين هؤلاء المعارضين الذين استُهدفوا عمر عبد العزيز، وهو معارض سعودي بارز يقيم في كندا.
عقوبة الإعدام
واصلت المحاكم فرض أحكام الإعدام على عدد كبير من الجرائم، كما نفَّذت السلطات عشرات الإعدامات، وكانت هناك زيادة في عدد من أُعدموا لتهم تتعلق بالمخدرات ولجرائم تتعلق بالإرهاب. ولم تتقيد السلطات عموماً بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وللضمانات الواجب توافرها للمتهمين في قضايا تتعلق بجرائم يُعاقب عليها بالإعدام. وكثيراً ما نُظرت مثل هذه القضايا في جلسات سرية، وبإجراءات موجزة، في غياب أية مساعدة قانونية أو تمثيل قانوني للمتهمين، وكذلك بدون أية خدمات للترجمة بالنسبة للمتهمين الأجانب خلال مختلف مراحل الاحتجاز والمحاكمة. وعادةً ما كانت أحكام الإعدام تستند إلى “اعترافات” قال المتهمون إنها انتُزعت تحت وطأة التعذيب.
وفي 23 إبريل/نيسان، أُعدم 37 مواطناً سعودياً. وكانوا قد أُدينوا في محاكمات سابقة أمام “المحكمة الجزائية المتخصصة”، ومعظمهم من الشيعة الذين أُدينوا إثر محاكمات فادحة الجور، استندت إلى “اعترافات” شابتها ادعاءات التعذيب. ومن بين هؤلاء الذين أُعدموا 11 شخصاً أُدينوا بالتجسس لحساب إيران. وأُعدم ما لا يقل عن 15 آخرين كانوا قد أُدينوا بارتكاب جرائم عنيفة تتعلق بمشاركتهم في مظاهرات مناهضة للحكومة في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية، بين عامي 2011 و2012. وقد سبق أن احتُجزوا لفترات مطولة قبل المحاكمة، وقالوا للمحكمة إنهم تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء التحقيق معهم، لإجبارهم على “الاعتراف”، ومن بينهم عبد الكريم الحواج، وهو شاب شيعي قُبض عليه وهو في سن السادسة عشرة.[5]
ومن بين الذين ظلوا عرضةً لخطر الإعدام بحلول نهاية العام أشخاص آخرون كانوا دون سن الثامنة عشرة وقت وقوع الجرائم المنسوبة إليهم. ولم تستند بعض أحكام الإعدام هذه، فيما يبدو، إلا إلى “اعترافات” قال المتهمون إنها انتُزعت من خلال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة.
ولم تكن السلطات عادةً تبلغ أهالي المحكوم عليهم بقرب تنفيذ الإعدام فيهم، أو تبلغهم فور تنفيذ الإعدام. فلم يعلم أهالي الأشخاص الشيعة الذين أُعدموا يوم 23 إبريل/نيسان بأن أقاربهم قد أُعدموا إلا عندما أعلنت السلطات نبأ الإعدام في اليوم نفسه. كما امتنعت السلطات عن تسليم جثث الذين أُعدموا إلى ذويهم، ولم تبلغهم بمكان دفنهم.
حقوق المرأة
في تطور إيجابي تأخر كثيراً، أعلنت السلطات، في أغسطس/آب، عن إصلاحات كبرى أُدخلت على نظام ولاية الرجل، وهو نظام يتسم بالتمييز المجحف. ومن بين هذه الإصلاحات السماح للمرأة، التي يزيد عمرها عن 21 سنة، بالحصول على جواز سفر وبالسفر دون إذن من ولي أمر من الذكور؛ والسماح للمرأة التي يزيد عمرها عن 18 سنة بتسجيل ولادة أطفالها الجدد، ووفاة أي من أقاربها، وزواجها أو طلاقها، وكذلك الحصول على سجل الأسرة (الدفتر العائلي)؛ والسماح للمرأة بالوصاية على أولادها. وكان من شأن هذه الإصلاحات أن تجعل حقوق المرأة في تلك المجالات مماثلة لحقوق الرجل، وأن تُخفف قيوداً كبرى على حرية المرأة في التنقل، إلا إنها لم تؤدِ إلى إلغاء نظام الولاية.[6] فلم تنص الإصلاحات على السماح للمرأة بالزواج بدون إذن من ولي أمرها، أو السماح لها بإعطاء الموافقة على زواج أبنائها. وما زالت النساء والفتيات يواجهن تمييزاً مجحفاً ممنهجاً في القانون وفي الواقع الفعلي في مجالات أخرى، مثل الزواج والطلاق والميراث والقدرة على نقل جنسيتها لأبنائها.
وما زالت النساء والفتيات يفتقرن إلى الحماية الكافية من العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف، وما زال يتعيَّن عليهن الحصول على إذن من أحد أولياء الأمر الذكور لمغادرة دور الرعاية المخصصة لمن سبق لهن التعرض للإيذاء الأُسري.
وفي يناير/كانون الثاني، أقر مجلس الشورى ضوابط قانونية مُنظِّمة للزواج المبكر تحظر إبرام عقود الزواج بين من تقل أعمارهم عن 15 سنة من الفتيات والفتيان. كما نص مشروع الضوابط القانونية على أن تتولى محكمة مختصة منح إذن الزواج للأشخاص الراغبين في الزواج ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وذلك بعد الحصول على شهادة طبية تثبت أهليتهم للزواج.
حقوق الأجانب
في أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت السلطات أنها منحت الجنسية لما يزيد عن 50 ألف شخص ولعائلاتهم، وأنها أصدرت وثائق هوية لما يزيد عن 800 ألف شخص كانوا قد وفدوا إلى المملكة العربية السعودية بسبب “المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية” في بلدانهم الأصلية. وتتيح هذه الوثائق للحاصلين عليها الحق في العمل وتلقي التعليم والرعاية الصحية. وما زالت المملكة العربية السعودية تحرم طالبي اللجوء من مباشرة إجراءات عادلة للبت في منحهم صفة اللاجئ.
وفي الوقت نفسه، واصلت السلطات حملتها على المقيمين بصفة غير نظامية. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت وزارة الداخلية أنه على مدار العامين السابقين تم القبض على حوالي 4,1 مليون شخص، وترحيل ما يزيد عن مليون منهم في حملة تستهدف الوافدين المتهمين بمخالفة قوانين ونُظم الإقامة وأمن الحدود والعمل. وفي عام 2019 وحده، قُبض على أكثر من مليوني عامل أجنبي، وتم ترحيل 500 ألف منهم.
وظل العمال الأجانب المقيمون في المملكة العربية السعودية، والبالغ عددهم نحو 11 مليوناً، يخضعون لنظام “الكفالة”، الذي يمنح أصحاب الأعمال سلطات واسعة على هؤلاء العمال. فلا يجوز للعامل الأجنبي مغادرة البلاد أو الانتقال إلى وظيفة أخرى بدون إذن من صاحب العمل، مما يزيد من احتمال تعرضه للاستغلال وانتهاكات العمل. وفي كثير من الحالات، فقد عمال أجانب وضعهم القانوني في البلاد نظراً لعدم قيام أصحاب الأعمال بتجديد تصاريح الإقامة لهؤلاء العمال، أو لقيامهم بتقديم بلاغات عن هروب العمال.
وذكر تقرير أصدرته منظمة “هيومن رايتس ووتش” (مراقبة حقوق الإنسان) أن بعض العمال الأثيوبيين، الذين اعتُقلوا لمخالفتهم قانون العمل، قد تعرضوا للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة في مراكز احتجاز في مختلف أنحاء البلاد، حيث قال العمال الأجانب إنهم تعرضوا للضرب والحرمان من الطعام أو الماء، وللتكبيل بالسلاسل معاً في زنازين مكتظَّة.
وأفادت الأنباء أن ما يزيد عن 900 من عمال وعاملات المنازل القادمين من بنغلاديش قد غادروا المملكة العربية السعودية وعادوا إلى بلادهم خلال عام 2019. وكان ما يزيد عن 100 منهم يقيمون في دار للرعاية في المملكة العربية السعودية بعدما ادعوا أنهم تعرضوا لإيذاء بدني ونفسي وجنسي على أيدي مستخدميهم، بينما قال آخرون إنهم أُجبروا على العمل بدون أجر.
التمييز المجحف – الأقلية الشيعية
ما زال الشيعة يواجهون التمييز المجحف بسبب عقيدتهم، مما يحدُّ من حقهم في التعبير عن المعتقدات الدينية وفي نيل العدالة، وكذلك الحق في العمل في عدد من مهن القطاع العام، والحق في الحصول على خدمات الدولة.
وتعرَّض عدد من النشطاء الشيعة، الذين اتُهموا بتأييد المظاهرات في المنطقة الشرقية أو المشاركة فيها أو التعبير عن آراء تنتقد الحكومة، للمحاكمة والسجن، أو كانوا عُرضة للحكم عليهم بالإعدام في محاكمات جارية، بينما أُعدم آخرون إثر محاكمات جائرة في السنوات الماضية.