قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الاعتقال الجماعي الجديد في السعودية بحق 298 موظفا حكوميا للاشتباه في فسادهم يثير مخاوف حقوقية. ينبغي للسلطات السعودية الكشف فورا عن التهمة والأدلة المتعلقة بكل محتجز، وضمان حصول المحتجزين على حقوقهم القانونية.
شملت حملة الفساد السابقة التي شنتها السعودية، في نوفمبر/تشرين الأول 2017، اعتقال عشرات رجال الأعمال البارزين، وأفراد العائلة المالكة، ومسؤولين حكوميين حاليين وسابقين لثلاثة أشهر في فندق “ريتز كارلتون” في الرياض. ضغطت السلطات عليهم أثناء احتجازهم لتسليم أصولهم إلى الدولة مقابل إطلاق سراحهم بلا أي إجراءات قانونية معترف بها. ولا يزال بعض معتقلي نوفمبر/تشرين الثاني 2017 رهن الاعتقال دون تهمة، مثل نجل الملك الراحل عبد الله وحاكم الرياض السابق تركي بن عبد الله؛ والوزير السابق عادل الفقيه؛ والمقاول بكر بن لادن.
قال مايكل بَيج، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “مكافحة الفساد ليست عذرا للانتهاك الفاضح للإجراءات القانونية ومنع الناس من إقامة دفاع مناسب. ينبغي للسلطات السعودية، نظرا لسجلها الحافل بالانتهاكات، إجراء إصلاحات أساسية للنظام القضائي لضمان عدم تعرض المتهمين لإجراءات قانونية ظالمة”.
في 15 مارس/آذار 2020، أعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن الاعتقالات الجديدة، مشيرة إلى أن “هيئة مراقبة الفساد” في الدولة السعودية حقّقت جنائيا بشأن 674 من موظفي الدولة وأمرت باحتجاز 298 منهم بتهم “فساد مالي وإداري تمثلت في جرائم الرشوة، واختلاس وتبديد المال العام، واستغلال النفوذ الوظيفي، وسوء الاستعمال الإداري”. من بين المعتقلين ضباط جيش حاليون ومتقاعدون، ومسؤولو صحة، وضباط أمن تابعون لوزارة الداخلية، وقضاة. قال البيان إن إجمالي المبالغ التي أقروا بها بلغ 379 مليون ريال (101 مليون دولار).
خلال جولة اعتقالات الفساد السابقة، انتهكت السعودية بشدة حقوق رجال أعمال سعوديين بارزين وأفراد من العائلة المالكة ومسؤولين حكوميين احتجزوا في ريتز كارلتون بين نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وفبراير/شباط 2018. ضغطت السلطات على المعتقلين لتسليم أصولهم مقابل إطلاق سراحهم، وأفادت وسائل الإعلام بأن العديد من المعتقلين أبرموا صفقات مقابل إطلاق سراحهم. في مارس/آذار 2018، أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” أن السلطات السعودية استخدمت الاعتداء الجسدي لإجبار المعتقلين على تسليم الأصول، مشيرة إلى أن 17 محتجزا على الأقل احتاجوا إلى دخول المستشفى.
في 31 يناير/كانون الثاني، نشرت “وكالة الأنباء السعودية” الرسمية بيانا للديوان الملكي، جاء فيه أن لجنة مكافحة الفساد، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، “أنهت أعمالها” بعد استدعاء 381 شخصا لتقديم أدلة. وقال البيان إنه أُفرج عن الأشخاص الذين لم توجه إليهم تهم بالفساد، في حين وافق 87 على التسوية، ولم يُمنح 56 آخرون تسوية “لأنهم قيد التحقيقات”. وقال البيان إن السلطات أحالت ثمانية آخرين إلى النيابة العامة بعد رفضهم التسوية. وخلص البيان إلى أنه نتجت عن الحملة “استعادة أموال للخزينة العامة للدولة تجاوزت في مجموعها ( 400 ) مليار ريال [107 مليار دولار] متمثلة في عدة أصول من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك”. ولم ينشر المسؤولون السعوديون أي معلومات إضافية حول محاكمات الفساد الناجمة عن هذه الاعتقالات أو أولئك الذين ما زالوا معتقلين مثل تركي بن عبد الله.
قال مصدر مطلع قريب من ستة من محتجزي ريتز كارلتون لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم توصل معظم المعتقلين إلى تسوية وإطلاق سراحهم، لا يزالون يخضعون لمراقبة السلطات الصارمة، حتى أولئك الذين عادوا إلى مناصبهم السابقة في شركاتهم أو في إدارة أصولهم المالية. قال إن السلطات أجبرت، في بعض الحالات، معتقلين سابقين على العودة قسرا إلى شركاتهم أو مناصبهم السابقة أو أجبرتهم على قبول مناصب جديدة.
يحمي القانون الدولي لحقوق الإنسان الحقوق الأساسية، بما فيها الحق في عدم الاحتجاز التعسفي. يجب أن تكون أي اتهامات توجهها السلطات متعلقة بجرائم مُعترف بها. يجب على الأقل إبلاغ المحتجزين بالأسباب المحددة لاعتقالهم، وأن يكونوا قادرين على الاعتراض على اعتقالهم بشكل عادل أمام قاض مستقل ومحايد، والوصول إلى محام وأفراد العائلة، ومراجعة قضاياهم بشكل دوري.
قال بَيج: “تريد السلطات السعودية الإعلان أنها تريد استئصال آفة الفساد، لكن الطريقة الصحيحة هي التحقيقات القضائية الجادة والعادلة في المخالفات الفعلية، وليس الاستعراض باعتقالات جماعية غير قانونية”.