البحرين: أفرجوا عن المدافعين الحقوقيين والنشطاء المسجونين

202004mena_bahrain_collage

قال تحالف لـ19 مجموعة حقوقية، من ضمنهم هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، اليوم إنه في خضم التهديد العالمي الذي يشكله فيروس كوفيد-19 ينبغي على السلطات البحرينية أن تفرج عن المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المعارضين الذين سُجنوا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير، والتجمع، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.

في 17 مارس/آذار، أتمت البحرين عملية إطلاق سراح 1486 سجينا، منح 901 منهم عفوا ملكيا “لأسباب إنسانية”. وحكم على الـ 585 الباقين بعقوبات غير احتجازية. ومع أن هذه خطوة إيجابية، إلا أن عمليات الإفراج استثنت حتى الآن قادة المعارضة والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، علما أن العديد منهم من المسنين و/أو ممن يعانون حالات مرضية مزمنة. وهؤلاء الأشخاص معرضون جدا لخطر الإصابة بعوارض خطيرة إذا انتقلت إليهم عدوى فيروس كوفيد-19، لذا يجب أن يحظوا بأولوية في عمليات الإفراج.

قالت لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “لا شك في أن إفراج البحرين عن عدد كبير من السجناء هو موضع ترحيب؛ وخصوصا مع تنامي بواعث القلق المحيطة بانتشار كوفيد-19. الا أنه ينبغي على السلطات الآن أن تفرج على وجه السرعة عن أولئك الذين ما كان ينبغي أن يُزج بهم في السجن أصلا، وهم بالتحديد سجناء الرأي الذين يظلون رهن الاعتقال بسبب ممارستهم لحقهم في التعبير السلمي. ونحث السلطات أيضا على تعزيز الإجراءات اللازمة لضمان الاحترام الكامل للحقوق الإنسانية لجميع المحرومين من حريتهم”.

لايزال قادة المعارضة الذين أودعوا السجون بسبب دورهم في الحركة الاحتجاجية عام 2011 يقبعون خلف القضبان. ومن بين هؤلاء: حسن مشيمع، رئيس “جماعة الحق” المعارضة غير المرخص لها، وعبد الوهاب حسين، وهو زعيم معارض، وعبد الهادي الخواجة، وهو مدافع بارز عن حقوق الإنسان، والدكتور عبد الجليل السنكيس، الناطق باسم جماعة الحق.

مازال أيضا في السجن شخصيات معارضة بارزة أخرى بينهم الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية “الوفاق الوطني الإسلامية” (الوفاق) التي تم حلها. ولم يُفرج أيضا عن سيد نزار الوداعي الذي عدّته “الأمم المتحدة” محتجزا تعسفيا “انتقاما” لنشاط ابن أخيه الناشط المنفي سيد أحمد الوداعي، والمدافعيْن عن حقوق الإنسان نبيل رجب وناجي فتيل. وتعدهم منظمة العفو الدولية سجناء رأي يجب الإفراج عنهم فورا ودون قيد أو شرط.

تشير وثائق “مركز البحرين لحقوق الإنسان” إلى أن ما مجموعه 394 شخصا – من أصل الـ 1486 الذين أُفرج عنهم – سُجنوا بتهم سياسية. وبحسب المنظمة غير الحكومية البحرينية “السلام للديمقراطية وحقوق الإنسان” فإن 57 – من أصل 901 نزيل منحوا عفوا ملكيا – كانوا قد سُجنوا بسبب أنشطتهم السياسية، في حين أن الباقين حكم عليهم بعقوبات غير احتجازية. وبما أن الحكومة البحرينية لم توفر أي معلومات عن التهم التي كان أدين بها من تم إطلاق سراحهم، لا يمكن التحقق من الأرقام. الا أنه من الواضح أن الأشخاص المسجونين بسبب نشاط سياسي سلمي إنما يمثلون أقلية من هؤلاء الذين تم الإفراج عنهم.

تم تجاهل عشرات السجناء الذين أدينوا بعد محاكمات جائرة بموجب قانون مكافحة الإرهاب البحريني الفضفاض، وحُرموا من الإفراج المبكر، أو قضاء عقوبات بديلة، على الرغم من الإفراج عن سجناء آخرين يقضون عقوبات أطول بكثير. وهذا يشمل زكية البربوري وعليّ الحاجي، بحسب “مركز البحرين للحقوق والديمقراطية”.

تُضاعف الأوضاع في سجون البحرين المكتظة من خطر انتشار فيروس كوفيد-19. فقد أدى غياب المرافق الصحية الملائمة إلى انتشار الجرب في سجن جو – أكبر سجون البحرين – ومركز الاحتجاز في الحوض الجاف في ديسمبر/كانون الأول 2019 ويناير/كانون الثاني 2020.  وأُصيب بالعدوى قرابة نصف نزلاء المركز المذكور. وفي 2016، تبين لهيئة حكومية لحقوق السجناء والمحتجزين أن المباني في سجن جو تعاني “قلة النظافة الصحية” و”تفشي الحشرات” و”المراحيض المكسورة”.

علاوة على ذلك، عبّرت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة عن قلقها إزاء التقاعس المتواصل للسلطات عن توفير الرعاية الطبية الوافية في سجون البحرين. وقد عرّض ذلك للخطر صحة بعض الأشخاص المسجونين ظلما الذين يعانون من حالات طبية مزمنة – مثل حسن مشيمع والدكتور عبد الجليل السنكيس – والذين ربما هم الآن معرضين بدرجة كبيرة لخطر الإصابة بفيروس كوفيد-19.

حسن مشيمع – البالغ من العمر72 عاما – مصاب بداء السكري، والنقرس، والقلب، ومشاكل في البروستات، وكان مصابا بمرض السرطان. وقد تقاعست سلطات السجن بصورة مألوفة عن أخذه لحضور مواعيده الطبية بسبب رفضه أن يُكبل بالأصفاد المهينة خلال نقله. وقد ذكرت الآليات الدولية لحقوق الإنسان أن استخدام القيود على السجناء المسنين أو الواهنين الذين ليس هناك خطر من هروبهم يمكن أن يشكل سوء معاملة.

يعاني الدكتور عبد الجليل السنكيس – البالغ من العمر 57 عاما – من متلازمة ما بعد الشلل ويستخدم كرسيا متحركا. وقد رفضت سلطات السجن أيضا نقله لحضور مواعيده الطبية بسبب رفضه أن يقيد بالأصفاد.

علق حسين عبد الله المدير التنفيذي لـ”منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” قائلاَ إنه “بينما يواجه العالم أزمة غير مسبوقة بسبب فيروس كوفيد-19 من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يتكاتف المجتمع الدولي لاحتواء انتشاره وضمان حماية صحة الضعفاء وحقوقهم. وينبغي على حلفاء البحرين – لاسيما المملكة المتحدة والولايات المتحدة – أن يدعوا البحرين صراحة إلى ضمان الإفراج عن جميع الذين سجنوا لمجرد معارضتهم السلمية للحكومة”.

يترتب على الدول واجب ضمان تقديم الرعاية الطبية لجميع المحتجزين لديها بما يوازي على الأقل تلك المتوافرة لعموم السكان، ولا يجوز أن تحرم المعتقلين من الرعاية الصحية الوقائية أو العلاجية أو التخفيفية، أو تقييد حصولهم عليها. وبالنظر إلى التقاعس المتواصل عن تقديم مستوى واف من الرعاية إلى المحتجزين لدى سلطات السجن، تساورنا بواعث قلق جدية بشأن قدرتها على تقديم الرعاية الفعالة للسجناء إذا ما انتشر فيروس كوفيد-19 داخل سجون البحرين.

ينبغي على السلطات البحرينية اغتنام الفرصة للإفراج فورا عن جميع الأشخاص الذين سجنوا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير دون قيد أو شرط، ومن بينهم حسن المشيمع، والدكتور عبد الجليل السنكيس، وعبد الهادي الخواجه، وعبد الوهاب حسين، ونبيل رجب، وناجي فتيل، والشيخ علي سلمان. ويجب إلغاء أحكام الإدانة الصادرة بحق الذين سجنوا عقب محاكمات جائرة – بمن فيهم سيد نزار الوداعي، وزكية البربوري – أو الإفراج عنهم بانتظار إجراء إعادة محاكمة عادلة لهم، على أقل تقدير.

إن الأخطار التي يشكلها وباء فيروس كوفيد-19 على المحتجزين يجب أن تكون عاملا قويا يرجح كفة خفض عدد نزلاء السجون عبر الإفراج عن المحتجزين احتياطيا، لاسيما بالنظر إلى الأوضاع السيئة وغير الصحية في سجون البحرين، وعدم توفير الرعاية الطبية الوافية، إضافة إلى وجوب النظر في الإفراج المبكر وغير المشروط عن السجناء المعرضين على وجه الخصوص للإصابة بفيروس كوفيد-19، مثل المسنين أولئك الذين يعانون حالات طبية مزمنة ، أو اتخاذ إجراءات غير احتجازية بديلة بشأنهم كوسيلة لتحقيق خفض أكبر في عدد نزلاء السجون، ومنع انتشار فيروس كوفيد-19.

على أي حال، ينبغي على السلطات أن تضمن حصول كل من يبقى في الحجز على خدمات للوقاية من الأمراض وعلاجها. بما في ذلك ضمان تطبيق عملية التباعد البدني للسجناء في جميع الأوقات، بما في ذلك ضمان توفير السكن والأكل والأماكن الاجتماعية. كما ينبغي على سلطات السجون فحص جميع الحراس لمنع دخول فيروس كوفيد-19 في السجون، وتقديم معلومات مناسبة حول الصحة والنظافة واللوازم الصحية، وضمان التعقيم المنتظم لجميع الأماكن التي يرتادها السجناء وموظفو السجن والزوار. وينبغي عليها إعداد خطط لوضع الأشخاص المعرضين لعدوى الفيروس أو المصابين به في حجر صحي أو بمعزل عن الآخرين، وضمان توفر الرعاية الطبية الضرورية لهم.

قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش: “الجولة الأولى من عمليات الإفراج عن السجناء في البحرين كانت إيجابية، لكنها غير كافية. وينبغي على السلطات إجراء خفض أكبر في عدد نزلاء السجون بالإفراج عن أولئك الذين سُجنوا لمجرد معتقداتهم السياسية، أو ممارستهم لحقهم في حرية التعبير، والتجمع السلمي. وفي الوقت نفسه، ينبغي على السلطات تكثيف الجهود لضمان تلقي نزلاء السجون الباقين الرعاية الطبية، وتوفير مرافق الصحة والنظافة والمعلومات التي يحتاجونها لمكافحة وباء فيروس كوفيد-19.