ثبَّطت وزارة الشؤون الداخلية الأسترالية الحماسة بشأن مسعى لمنح البحريني حكيم العريبي لاعب كرة القدم اللاجئ المقيم بأستراليا الجنسية، في محاولةٍ للمساعدة على إطلاق سراحه من سجنٍ تايلاندي ينتظر داخله الترحيل إلى البحرين.
أستراليا ترفض منح جنسيتها للاعب البحريني حكيم العريبي
وقدَّم محامون عن العريبي، مدعومين من معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، بحسب صحيفة the guardian البريطانية، التماساً لوزير الشؤون الداخلية الأسترالي، بيتر دوتون، الأسبوع الجاري، يطالبون فيه بتدخُّله في قضية العريبي.
وجادلوا بأنَّ منح العريبي الجنسية من شأنه تعزيز فرصه في العودة إلى أستراليا بدلاً من البحرين، علماً أن أستراليا هي الدولة التي فرَّ إليها العريبي وحصل على حق اللجوء منها.
وقالت المحامية لطيفة الحولي: “يتطلَّب هذا الطلب تدخُّلاً حكومياً طارئاً، ويُوضِّح موقف أستراليا من حماية اللاجئين الشرعيين”.
وأضافت: “هذه مسألة مصلحة قومية، تتجاوز بكثيرٍ معايير المصلحة العامة المستخدمة لتقييم التدخلات الوزارية”.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الأسترالية، التي بدأت مساعدة اللاعب البحريني العريبي فور احتجازه تقريباً عبر الموظفين القنصليين في العاصمة التايلاندية بانكوك، مُقيَّدة بشأن ما يمكن أن تُقدِّمه أو تطلبه، لأنَّه ليس مواطناً.
وزير الداخلية الأسترالي لا يملك سلطة منح الجنسية
لكنَّ وزارة الشؤون الداخلية قالت الأربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول 2018، إنَّ الوزير لا يملك سلطة منح الجنسية تلقائياً.
وأضافت: “لا بد من أن يُلبِّي الأشخاص كافةً الذين يتقدَّمون للحصول على الجنسية الأسترالية المُتطلَّبات القانونية بموجب قانون الجنسية الأسترالي لعام 2007، من أجل الحصول على الجنسية”.
وتابعت: “لا الوزير ولا الوزارة يملكان سلطة التنازل عن أي مُتطلَّبات قانونية في قانون الجنسية الأسترالي لعام 2007”.
محامون: القانون يسمح بسلطة تقديرية وزارية
لكنَّ داعمي العريبي يحاججون بأنَّ القانون يسمح بسلطةٍ تقديرية وزارية، إذ قالت فاطمة يزبك، المتحدثة باسم معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان: “نحث الحكومة الأسترالية، وخصوصاً وزير الشؤون الداخلية بيتر دوتون، على منح حكيم العريبي الجنسية الأسترالية، في محاولة لإنقاذ حياته من الخطر الوشيك الذي سيواجهه في حال ترحيله إلى البحرين”.
وأضافت: “تفتقر السجون البحرينية إلى الحد الأدنى من معايير حقوق السجناء، ويعاني السجناء السياسيون ظروفاً مزرية وغياب الحقوق الأساسية”.
العريبي قُبض عليه عند وصوله إلى بانكوك
جديرٌ بالذكر أنَّ اللاعب البحريني العريبي قُبِض عليه عند وصوله إلى بانكوك قبل 3 أسابيع، بسبب نشرةٍ حمراء من الشرطة الدولية (الإنتربول)، سُحِبَت بعد ذلك.
وتظل هناك تساؤلات عالقة عن الكيفية التي علمت من خلالها السلطات البحرينية بأنَّه كان مسافراً إلى تايلاند، وكيف استطاعت بعد ذلك استصدار نشرة حمراء مُخالفة لإرشادات الإنتربول، التي تحظر إصدار نشرات الاعتقال بحق اللاجئين، وكيف لم يُثَر أي انتباه في أستراليا حين أخطرت قوة من الشرطة الاتحادية تايلاند بخطط سفره، وقد طالبت الحكومة الأسترالية بعودته الفورية.
الأستراليون تعاطفوا مع العريبي.. وانتقادات لرئيس الاتحاد الآسيوي
ونال البحريني حكيم العريبي دعماً قوياً من مجتمع كرة القدم في أستراليا وعلى الصعيد الدولي، وكذلك من شخصياتٍ بارزة مثل قادة المنتخب الأسترالي لكرة القدم السابقين كريغ فوستر وكريغ مور وأليكس توبين وبول ويد.
وضغطت هيئات دولية لكرة القدم، منها الاتحاد الدولي للاعبين، مباشرةً، على رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة.
ويُعَد الشيخ سلمان أحد أفراد الأسرة البحرينية الحاكمة، وكان هدفاً لانتقادات علنية من جانب العريبي في عام 2016، لعدم حمايته الرياضيين البحرينيين الذين استُهدِفوا بسبب مشاركتهم أو مشاركة عائلاتهم في انتفاضة الربيع العربي.
وكتب الاتحاد الأسترالي: “نعي أنَّ الظروف معروفة جيداً بالنسبة لك، وكذلك تفاصيل طلب البحرين تسليم حكيم”.
وأضاف: “لا يمكن أن تشهد اللعبة أي لاعب كرة قدم لاجئ يعاني الأذى أمام ناظريها. ولا توجد قضية أهم لكرة القدم، باعتبارها لعبة دولية وعالمية، من حماية الضعفاء أمثال اللاعبين اللاجئين، من الاحتجاز والتعذيب”.
والتقى مسؤولون تنفيذيون بارزون في الاتحاد الأسترالي لكرة القدم الشيخ سلمان بن إبراهيم في اليوم التالي لاحتجاز العريبي، لكنَّهم قالوا إنَّهم لم يكونوا على علم بالواقعة في ذلك الوقت. ولم يذكر الاتحاد الأسترالي أنَّه تواصل مع الشيخ سلمان منذ ذلك الحين.
سياسي بريطاني طلب من سفير بلاده لدى تايلاند التدخل
وعبَّر ساسةٌ أجانب كذلك عن دعمهم، إمَّا بحثِّ تايلاند مباشرةً على إعادة اللاعب البحريني حكيم العريبي إلى أستراليا، وإما بدعوة حكوماتهم إلى استخدام نفوذها الدبلوماسي.
ففي المملكة المتحدة، دعا اللورد بول سكريفن، من حزب الديمقراطيين الأحرار، السفير البريطاني لدى تايلاند إلى دعم الجهود الأسترالية.
وكتب لورد سكريفن للسفير: “أشعر بقلقٍ بالغ بشأن سلامة اللاعب البحريني حكيم العريبي، وأفزعني قرار السلطات التايلاندية احتجازه، بل حتى التفكير في تسليمه، في حين أنَّه لا يوجد أي أساس قانوني لذلك على الإطلاق”.
وأضاف: “أَثَرتُ القضية بالفعل في البرلمان عن طريق التقدُّم بسؤالٍ مكتوب لوزارة الخارجية والكومنولث البريطانية، لكنَّني سأُكون ممتناً إليك إذا اتخذت بعض الإجراءات على الأرض”.
وفي حال رُحِّل العريبي، فسيكون لمحنته تداعيات أكبر بالنسبة لحُرمة وضعية اللجوء دولياً. إذ قال فيل روبرتسون، نائب مدير قسم آسيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، للنسخة الأسترالية من صحيفة The Guardian البريطانية، الأسبوع الماضي، إنَّه في حال سلَّمته تايلاند إلى البحرين، فهذا سيعني أنَّه ليس بإمكان أي لاجئ السفر بأمان عبر تايلاند.