ترجمة مرآة البحرين
ارتبطت أستراليا وتايلاند والدول الخليجية ارتباطًا وثيقًا بقصتين إخباريتين عالميتين في الآونة الأخيرة، حين واجه شابان احتمال ترحيلهما القسري إلى الأمكنة التي فرّا منها ببساطة لكونهما حطا رحالهما في بانكوك.
رهف محمد القنون، شابة سعودية تبلغ من العمر 18 عامًا، كانت في طريقها إلى أستراليا طلبًا للجوء. وحكيم العريبي، شاب [بحريني] يبلغ من العمر 25 عامًا، توجه إلى تايلاند مع زوجته لقضاء شهر العسل، وهو حاصل أساسًا على وضع لاجئ.
وقد استحوذ كل من العريبي والقنون على عناوين الصحف الدولية -أكثر بكثير من عدد من الآخرين في مواقف مريعة مماثلة. لكن ليس هناك نفي لكون قضية القنون جذبت المزيد من الدعم، بما في ذلك، [الدعم] بشكل حاسم من قبل الحكومة التايلاندية.
أنا واثقة، سيقتلونني بالتأكيد
حصلت القنون على فيزا سياحية لدخول أستراليا، حيث كان في نيتها أن تطلب اللجوء. فرّت من عائلتها أثناء قيامها برحلة إلى الكويت وسافرت إلى بانكوك، لكنها قالت إنها التقت عند وصولها بدبلوماسي سعودي وتم خداعها لتسليم جواز سفرها.
تخشى المراهقة أن تقتلها عائلتها لارتدادها عن الإسلام – وهي جريمة عقوبتها الموت بموجب قانون الشريعة السعودي- وحصّنت نفسها في غرفة الفندق في المطار، طالبة التحدث إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وقالت “أنا رهف.. أنا في الفندق، أحتاج إلى بلد يحميني في أقرب وقت ممكن. أسعى للحصول على اللجوء”، وأضافت أن “عائلتي متشددة وقد سجنتني في غرفة لمدة ستة أشهر فقط لأني قصصت شعري. أنا واثقة، سيقتلونني بالتأكيد بمجرد خروجي من السجن السعودي”.
وقالت السلطات التايلاندية في بادئ الأمر إنها هاربة وغير آمنة من دون حارس، لكنها خضعت في نهاية الأمر للضغط، ما سمح لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بزيارة رهف.
وقال رئيس دائرة الهجرة التايلاندية، الجنرال سوراتشات هابكارن “إنها الآن تخضع لسيادة تايلاند. لا يمكن لأي شخص ولا لأي سفارة إجبارها على الذهاب إلى أي مكان. تايلاند أرض للابتسامات. لن نرسل أي شخص ليموت”.
وتم إرسالها إلى مكان سري، وهي محمية من الحكومة التايلاندية. وقد وجدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أنها لاجئة تحتاج إلى الحماية، وقالت أستراليا إنها ستنظر في مسألة إعادة توطينها.
ستنتهي حياتي إن ذهبت إلى البحرين
المواطن البحريني، المقيم حاليًا في أستراليا، حكيم العريبي، كان لاعبًا في الفريق الوطني لكرة القدم في البحرين. ويدعي العريبي أنه تعرض للسجن والتعذيب من قبل السلطات البحرينية في وسط حملة قمع ضد الرياضيين الذين شاركوا في المسيرات المطالبة بالديمقراطية خلال الربيع العربي في العام 2011، وقد فر إلى أستراليا وسعى للحصول على اللجوء.
في العام 2014، حُكِم عليه غيابيًا بعشرة أعوام في السجن في محاكمة بحرينية استندت إلى اعترافات قسرية، وتجاهلت الأدلة، واعتمدت الانحياز. والإدانة المتعلقة بعملية تخريب حصلت في ذات الوقت -أو على الأقل ليس بعد فترة طويلة- من مشاركة العريبي في مباراة لكرة القدم كانت تُنقَل مباشرة على شاشة التلفاز.
في العام 2017، منحته أستراليا بشكل رسمي وضع لاجئ.
وكان قد انتقد في العام السابق بشكل علني فردًا في العائلة الحاكمة ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، الشيخ سلمان آل خليفة، لغياب أي إجراء من قبله للدفاع عن الرياضيين في العام 2011 حين كان رئيسًا للاتحاد البحريني لكرة القدم.
وفي أواخر نوفمبر / تشرين الثاني، ذهب العريبي وزوجته إلى تايلاند في شهر عسل مؤجل. عند وصوله، تم اعتقاله من قبل السلطات التايلاندية التي قالت إنها كانت تتصرف بموجب إخطار أحمر من الإنتربول. وعلى الرغم من إلغاء الإخطار الأحمر -الذي لم يكن يجب إصداره أساسًا- قالت السلطات التايلاندية إن البحرين طلبت بشكل منفصل احتجازه قبل وصوله بكل الأحوال، وما يزال العريبي يقبع في سجن تايلاندي. ومن سجنه، صرح العريبي لصحيفة الغارديان في أستراليا “لا أريد البقاء هنا. أنا لاجئ في أستراليا. أنا خائف من الحكومة البحرينية. سوف يقتلونني. لا أعلم ما الذي سيحصل هنا. ستنتهي حياتي في حال ذهبت إلى البحرين”.
وهناك الكثير من الأسئلة البارزة حول الإجراءات أو الأخطاء المحتملة التي ارتكبها الإنتربول، والشرطة الفدرالية الأسترالية، ودائرة الهجرة لديها والاتصالات بين تايلاند والبحرين.
تقدم العريبي بطلب للحصول على الجنسية الأسترالية، لكن دائرة الهجرة الأسترالية لم تمنحه إياها بعد، ووزير الهجرة لن يعلق على ذلك.
ودعت ماريز باين، وزيرة الخارجية الأسترالية، إلى الإفراج عن العريبي، وكان من المفترض بها اللقاء مع مسؤولين تايلانديين يوم الميس، لكن تايلاند تواصل متابعة طلب ترحيل [العريبي] إلى البحرين.
عملت هيومن رايتس ووتش بشكل وثيق على كلتا القضيتين، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة العفو الدولية هما من بين جماعات حقوق الإنسان التي تمارس الضغوط من أجلهما.
ليست القنون بعيدة عن الخطر، لكن وضعها، بعد أيام من توقيفها في مطار بانكوك، أفضل بكثير من وضع العريبي، المحتجز منذ 45 يومًا، وما يزال رهن الاعتقال.
إذًا لماذا هذا الفرق؟
تمنيت لو أنكم أخذتم هاتفها
الأسباب مختلفة، لكن من بينها على الأرجح السبب المجهول منذ القدم لقاعدة صناعة الأخبار.
قضية العريبي هي أيضًا أكثر تعقيدًا، استنادًا إلى الوقائع المعلومة، وقد يكون تعرضه لإخطار أحمر من قبل الإنتربول، أشار إلى أن اعتقاله كان مشروعًا.
تمكنت القنون من إيصال صوتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الفيديوهات والنداءات الشخصية العاجلة والمتعددة. وقد هبّ جيش من المؤيدين النشطاء الملتزمين عبر الإنترنت لنصرتها بعد أن قامت الصحافية المصرية الأميركية منى الطحاوي بترجمة ومشاركة منشوراتها.
وفي اجتماع مع دائرة الهجرة التايلاندية، أشار مسؤول سعودي إلى الـ 45000 متابع الذين اكتسبتهم بسرعة، وعلق باللغة العربية أنه “تمنيت لو أنكم أخذتم هاتفها، ذلك أفضل بكثير من [أخذ] جواز سفرها”.
العريبي، حين كان هاتفه لا يزال بحوزته، وكان قادرًا على التحدث مباشرة إلى الصحافيين وإرسال الصور في الأيام الأولى لاحتجازه، لم يجذب الانتاه بشكل مباشر. بعض وسائل الإعلام كانت بطيئة جدًا – خاصة في أستراليا- لمتابعة التطورات، على الرغم من أن قصته مرتبطة بالدولة أكثر من قصة رهف.
نُظِّمت احتجاجات صغيرة أمام القنصلية التايلاندية في أستراليا، كما تظاهر مجتمع كرة القدم غي دوري فيكتوريا واتحادات عالمية للّاعبين. ظلّ اتحاد كرة القدم الأسترالي والاتحاد الآسيوي لكرة القدم والفيفا صامتين لمدة أسابيع، وحتى الآن، يوجهون رسائلهم إلى الحكومات بدلًا من البحرينيين ذوي النفوذ في هيئاتهم التنفيذية.
لم ينسوا ما قام به حكيم
على الأرجح هناك إدراك أكبر للخطر المريع على الناس -وخاصة النساء- في المملكة العربية السعودية أكثر مما سيواجهه العريبي في البحرين. لقد حظي النظام السعودي بالمزيد من تسليط الأضواء عليه عند مقتل الصحافي جمال خاشقجي في أكتوبر تشرين الأول.
تواجه النساء قمعًا كثيرًا. وبموجب نظام الوصاية السعودي، يسيطر ولي أمر المرأة السعودية على كل جانب في حياتها تقريبًا. هن ممنوعات من السفر من دون محرم يرافقهن، ولا يستطعن تقديم طلب للحصول على جواز سفر، أو الحصول على علاج طبي أو السعي للتعلم من دون إذن.
وقالت الطحاوي إن القنون هي بمثابة “نسمة من الهواء العليل” أظهرت للنساء السعوديات أنه بإمكانهن طلب الحرية والكرامة.
في أبريل / نيسان، أعيدت دينا علي لسلوم، وهي امرأة سعودية تبلغ من العمر 24 عامًا، بشكل قسري من قبل الفيليبين، على الرغم من النداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يُعرف عنها أي شيء منذ ذلك الحين.
وتشير فاطمة يزبك من مركز الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى أنه ما يزال يتم تنفيذ أحكام الإعدام بحق المعارضين السياسيين في البحرين، وذكرت ثلاثة عمليات إعدام تمت في العام 2017، بمن في ذلك أستاذ للرياضة.
وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان قضايا لا حصر لها من الانتهاكات والتعذيب والاحتجاز التعسفي للمعارضين، بمن في ذلك أولئك الذين سعوا للفرار ليتم فقط ترحيلهم من قبل الحكومات المتعاونة [مع البحرين] للدول التي نزلوا فيها.
بانكوك متورطة بأكثر من حالة في ما يخص المعارضين الذين أُعيدوا إلى زنزانة في سجن بحريني، حيث تعرضوا للضرب والتعذيب.
وأفادت إعلانات الحكومة والأخبار المحلية عن صفقات ضريبية وتطورات عقارية واسعة النطاق بين تايلاند والبحرين.
وقال يحيى الحديد، مدير معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان إن “حكيم الآن أيقونة معاناة المعتقلين السياسيين في البحرين”.
وتحكم عائلة مالكة البحرين، ويشغل أعضاء فيها أكثر من نصف المناصب في مجلس الوزراء، وكذلك يشغلون مناصب أخرى مهمة، بما في ذلك تولي مهمة سفير البحرين في المملكة المتحدة.
السفير البحريني الحالي هناك هو الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، الذي ترأس أيضًا هيئة شؤون الإعلام في العام 2011، حين بثت قناة التلفزيون التابعة للدولة صور ومشاهد للرياضيين المحتجين، ووصفتهم بالخونة.
وقد أًصدرت سفارة لندن البيان العام الوحيد باسم البحرين، في الأيام التالية لاعتقال العريبي، دافعت فيه عن الإخطار الأحمر.
وتساءل الحديد عن السبب الذي دفع سفارة البحرين في لندن إلى التعليق على بحريني يقيم حاليًا في أستراليا، وتم اعتقاله في تايلاند.
ولفت إلى أنه “بعد أن وجه حكيم الانتقادات، لم ينسوا ما قام به”.