عقد معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان يوم الاثنين 8 فبراير/ شباط 2021، مؤتمر افتراضي بثت وقائعه عبر قناته على اليوتيوب وعلى بعض القنوات الفضائية. جرى خلال المؤتمر إطلاق تقرير “مجزرة حي الرقاص: استهداف الإعلام”. كما عرض خلال المؤتمر فيلم قصير من إنتاج المعهد بعنوان “طيف” يحاكي ما حصل في 16 مايو/ أيار 2019 من استهداف لحي الرقاص. افتتحت الأستاذة فاطمة يزبك، مديرة دائرة الأبحاث والدراسات في معهد الخليج، الحديث بالقول “منذ 6 أعوام بدأ نزيف الدم في اليمن ولم يتوقف حتى اليوم. حرب ومجازر ودمار، دماء أطفال سكبت وقلوب أمهات ثكلت وأباء فجعوا بفلذات أكبادهم الذين كانوا الأمل والحياة. مجزرة حي الرقاص جريمة مروعة ارتكبتها قوات التحالف بقيادة الإمارات و السعودية عامدة متعمدة غير آبهة بالحياة التي كانت تضج داخل هذه المنازل.”
تحدث سعادة السفير الأستاذ عبدالله صبري، رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين سابقا وسفير اليمن في سوريا، عن مجزرة حي الرقاص التي كان هو وعائلته أحد أبرز ضحاياها. شرح الأستاذ صبري عن كيفية سعي دول التحالف لاستهداف الإعلام اليمني بشتى الوسائل. كما لفت إلى الدلائل التي تؤكد أن تلك الحادثة جرت لاستهدافه رغم سعي دول التحالف إلى نفي ذلك. وأشار الأستاذ عبدالله صبري إلى أن حادثة استهدافه “كانت تمتاز بأنها أول استهداف من نوعه لإعلامي لا يملك إلا قلمه وصوته في مواجهة العدوان”.
وأضاف الأستاذ عبدالله أن “منذ اللحظات الأولى لهذه الحرب العدوانية وما يسمى بعاصفة الحزم جرى إسقاط ووقف بث الكثير من القنوات اليمنية الوطنية التي كانت تبث على الأقمار الاصطناعية نايل سات وعرب سات، وذلك بهدف التعتيم الإعلامي على الحرب وتقديم صورة مضللة لهذه الحرب البشعة بحق اليمنيين. الاستهداف استمر لوسائل الإعلام والمؤسسات الإعلامية خاصة بعد أن رتبت هذه الوسائل وضعها وعملت خلال الأشهر الأولى من الحرب على كسر الحصار الإعلامي وتقديم الصورة الحقيقية من الميدان كما هي وهي صورة تضمنت أبرز الجرائم البشعة الوحشية بحق النساء والمدنيين والأطفال في اليمن. وبالتالي لم يكن أمام هذا التحالف إلا أن يستمرئ الاستهداف مجددا فعمل على ضرب هذه القنوات بالغارات الجوية سواء في صنعاء أو في صعدة أو في المناطق الأخرى.”
أما الأستاذ بيار أبي صعب، الصحفي اللبناني البارز، فقد تكلم عن كيفية تعاطي الإعلام العربي والغربي مع الحرب على اليمن على مدار السنوات الستة الماضية، وطيف أن هذا الإعلام كان شريكا في الحرب عبر اتباع سياسة التعتيم على كل الانتهاكات التي تحصل في اليمن بغية عدم تحريك الرأي العام الغربي.
ولفت الأستاذ بيار إلى أن “وسائل الإعلام الغربية بما يطغى عليها من لوبيات ووصايات ورساميل وتشابك مصالح، تغاضت، مع استثناءات قليلة، لفترة طويلة عن الحرب على اليمن وكل جرائمها. [أما] الإعلام العربي مُباع بجزئه الأكبر، للأسف، للرجعيات الخليجية في الإمارات والسعودية وبالتالي السعودية اشترت ذمم الإعلاميين، اشترت وسائل الإعلام.”
فيما سلطت الضوء الأستاذة رجاء مصعبي، رئيسة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان وسفيرة النوايا الحسنة للسلام الدولي والخبيرة الدولية في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، على معاناة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة خلال الحرب المفروضة على اليمن. تحدثت الأستاذة رجاء عن فترة ما قبل الحرب وكيفية احتواء الدولة والشعب اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن الحرب كان لها تأثير كارثي على هذه الفئة. فبحسب مصعبي على صعيد الأرقام فقد تضاعفت أعداد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة خلال سنوات الحرب. ومع استهداف المنشآت التي تدعم صندوق المعاقين وغياب المنظمات الدولية، ما عدا اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة هانديكاب انترناشونال، أصبح وضع الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مزري.
وأضافت الأستاذة رجاء أن “الخدمات [التي تقدم في الوقت الراهن للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة] لا يمكن لأي أحد أن يقول عنها أنها [تغطي] أكثر من 3% أو 4%. مع اتساع رقعة اليمن ومع تزايد الحرب في اليمن الذي أدى إلى تزايد الأشخاص ذوي الإعاقة مع صعوبة ووعورة الطرقات بعد أن قصفها التحالف حيث قصف الجسور والطرقات.. فصار من الصعوبة للمعاقين أن ينتقلوا بسهولة. بالإضافة في صعوبة أن أي خدمة توصل لهم.”
وتحدثت الأستاذة فيليبا لايزات، مستشارة السياسة الإنسانية والمناصرة في منظمة أنقذوا الأطفال، عن أن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات المتعمدة التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية مثل المنازل والمدارس والمستشفيات. وأردفت قائلة أن الإعلاميين والأطفال هم أيضا مدنيين ويجب حمايتهم وفقا لهذا القانون. ولفتت لايزات إلى خطورة أوضاع الإعلاميين والأطفال خلال السنوات الأخيرة في اليمن. فبالنسبة للصحفيين الذين يغطون مناطق النزاع، تضاعف عدد الوفيات في عام 2020 مع مقتل ما لا يقل عن 30 صحفيًا وفقًا للجنة حماية الصحفيين.
وختمت لايزات حديثها بالقول “في أستراليا، تواصل منظمة Save the Children حث الحكومة الأسترالية على حظر الصادرات الدفاعية إلى أي دولة تنتهك القانون الإنساني الدولي.”
أما الدكتورة سو ويرهام، رئيسة الرابطة الطبية الدولية لمنع الحروب في أستراليا، تحدثت عن ما يعانيه الشعب اليمني خلال الحرب من قتل للمدنيين والأطفال. وأشارت إلى الآثار الكارثية للحرب على صحة الإنسان وذلك لما سببته الحرب من جوع، وانتشار للأمراض المعدية (مثل الكوليرا)، وانهيار لبنى الصرف الصحي… أما فيما يخص باستخدام قوى التحالف الطعام كسلاح فقد لفتت ويرهام إلى أن هذا الأمر محظور تماما في أوقات الحرب وهو أمر مكروه في أي وقت آخر.
كما قالت ويرهام أنه “حان الوقت لتتوقف الحرب في اليمن. يجب أن يكون هناك تحقيق شامل في جميع جرائم الحرب المزعومة بما في ذلك الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين ويجب محاسبة المسؤولين عنها.”
واختتم المؤتمر رئيس معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، الأستاذ يحيى الحديد، بالشكر الجزيل لكل المشاركين في المؤتمر والمشاهدين. كما قال الحديد التقرير الذي أعده المعهد يستعرض ما حدث في حي الرقاص عندما قامت قوات التحالف وطائرات السعودية والإمارات بقصف المدنيين وقد راح ضحية هذا القصف البربري أكثر من 77 مواطن بين شهيد وجريح.
وقال الأستاذ يحيى: “هذه الجريمة لم تتوقف فقط باستهداف اليمنيين ولكنها أيضا كانت جريمة متعددة الأوجه حيث استهدف الإعلاميون وكان المستهدف في هذه الجريمة سعادة السفير الأستاذ عبدالله صبري رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين سابقا من أجل إسكات جميع الأصوات التي ترصد وتعترض وتقف خلف الحرب الظالمة على اليمن والتي هي في الأساس كانت حربا من أجل سلب إرادة الشعب اليمني. هذه المجزرة لم هي المجزرة الوحيدة بل كانت هناك سلسلة مجازر راح ضحيتها العديد من المدنيين اليمنيين. لا ننسى المجزرة التي ارتكبتها طائرات التحالف السعودية بحق المدنيين في الصالة الكبرى حيث راح ضحيتها عشرات المدنيين بين جريح وشهيد.”