مرآة البحرين (خاص):
أطلق معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان يوم أمس تقريره “مجزرة حي الرقاص: استهداف الإعلام” في مؤتمر افتراضي عقده عبر قناته الرسمية على موقع يوتيوب وعدد من الفضائيات.
قدّمت المؤتمر الباحثة في معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان فاطمة يزبك. وبعد عرض فيلم قصير بعنوان “طيف”، يوثق أحداث المجزرة، تحدث سفير اليمن في سوريا عبد الله صبري، والذي كان مُستَهدفًا في هذه المجزرة، فأكد أنه منذ بدء ما يُسمى بعاصفة الحزم، تم استهداف عدد من القنوات الإعلامية اليمنية بهدف “التعتيم الإعلامي وتقديم صورة مُضَلّلة لهذه الحرب البشعة بحق اليمنيين”، لافتًا إلى أن هذه الوسائل عملت على كسر الحصار المفروض ضدّها و”تقديم الصورة الحقيقية من الميدان كما هي”.
وأكد صبري أنه لم يكن “أمام هذا التحالف إلا أن يستمرئ الاستهداف مجددًا، فعمل على ضرب هذه القنوات بالغارات الجوية سواء في صنعاء أو في صعدة أو في المناطق الأخرى. وقد قدم الإعلام اليمني الكثير من الضحايا والشهداء والجرحى في هذه الحرب” مشيرًا إلى أن “العدو كان يرغب بذلك كسب الفضاء الإعلامي”.
ولفت صبري إلى “أنه ثمة مؤشرات تؤكد أن هذا العدو ارتكب هذه الجريمة عن سابق إصرار وترصد، وهو يعرف أنه يستهدف صحفيًا يمنيًا لا يملك إلا قلمه”.
ومن بين هذه المؤشرات ذكر صبري حدوث غارة في التوقيت ذاته على وزارة الإعلام اليمنية، وكذلك استهدافه وأسرته في العمارة التي يقيم فيها، وكذلك مجيء عمال من منظمات الإغاثة الدولية يسألون عن صحافي حوثي في مكان إقامته قبل ثلاثة أيام من حصول المجزرة.
وكان في المؤتمر أيضًا مشاركة لرجاء المصعبي، رئيسة المؤسسة العربية لحقوق الإنسان، التي تحدثت عن عدد وواقع ذوي الإعاقة في اليمن، في ظل اختفاء الاهتمام بهم، ولفتت إلى مطالبة الأمم المتحدة بخصوص هذا الواقع الذي تشهده اليمن، مع ازدياد أعداد ذوي الإعاق وسوء وضعهم في ظل الحرب المفروضة.
وتحدثت بعدها سو ويرهام، رئيسة الرابطة الطبية لمنع الحروب في أستراليا، فأكدت “أن اليمن تشهد حاليًا كارثة إنسانية، أثرت على اليمنيين من نساء وأطفال، وهم الذين يدفعون الثمن”. ولفتت ويرهام إلى موت آلاف الأطفال بسبب الجوع والأمراض والإصابات، واستخدام الغذاء كسلاح في وجه اليمنيين، عبر منع التحالف السعودي لوصول المساعدات الغذائية إليهم، مؤكدة أن ذلك مخالف للقانون الدولي. وقالت ويرهام إن هذه تُعَد جرائم حرب “ستمتد آثارها حتى العقود المقبلة”.
وأكدت ويرهام أنه “كان يجب حماية عبد الله صبري بدلًا من استهدافه في تلك المجزرة، إذ يجب حماية الصحفيين، وكذلك المدنيين في زمن الحرب، وهذا ما ينص عليه القانون الدولي”.
وكان في المؤتمر كلمة مُسَجّلة لمدير التحرير في صحيفة الأخبار اللبنانية بيار أبي صعب، قال فيها إنه “إذا نظرنا إلى تعاطي الغرب والرجعيات العربية مع هذه الحرب، التي هي من أبشع حروب القرن الحادي والعشرين، ورأينا الجانب الأساسي فيها، القائم على سياسة الإبادة والتجويع، والمرض ونشر الأوبئة، لفهمنا أنها عملية إبادة جماعية، مسؤوليتها جماعية وأن الغرب الذي أشبعنا طوال أجيال بدروسه عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ارتكب جريمة عظمى بحق مبادئه”.
ولفت صعب إلى أن مخرجهم الكبير والوحيد كان “طمس الحقيقة” لمنع الرأي العام العربي والعالمي من الوصول إلى الحقيقة، عبر “هذه الجريمة الأخلاقية، والتي هي جريمة إعلامية موازية لسياسة القتل الجماعي والإبادة والتدمير، تهدف لطمس الجرائم وحمامات الدم.
وأكد صعب أن المصالح الاستعمارية تطغى على المبادئ الديمقراطية، وقد شهدنا ذلك في سوريا وليبيا والبحرين، ونراه بامتياز في اليمن.
وقال صعب إن الإعلام الغربي بما يطغى عليه من لوبيات ومتشابك مصالح طمس هذه الحقيقة، وكذلك فعل الإعلام العربي المُباع للرجعيات العربية، إذ “اشترت السعودية ذمم الإعلاميين، كما اشترت وسائل الإعلام” مضيفًا آنه “نحن في لبنان نعرف كيف اشترت السعودية المحطات الأساسية التي تدعي الدفاع عن الثورة والحراك والتغيير”، ما أدى إلى تغيير سياساتها وخطاباتها “حين تلقت المال المُغَمس بالدم من الخليج”، ولم يبقَ “إلا الإعلام اليمني الذي كان لا بد من ممارسة القمع والعنف والقتل والذبح والسجن معه “لإسكات هذا الشاهد، شاهد الحق”، مع أنها انتهجت سياسات مثل “كل مواطن مراسل” في دول عربية أخرى لإنتاج روايات مشوهة ممهورة بالأكاذيب.
ووجه صعب تحية للإعلاميين اليمنيين، “فهم الذين جاهدوا كي ينقلوا الحقيقة رغم كل المصاعب، ورغم كل الدم المدفوع ، وتمكنوا من إيصال معاناة وقضية شعبهم الذي قاتل بالحد الأدنى من الإمكانات، ولكن بعزيمة كبيرة من أجل التغلب على العدوان، وقد ربح حربه ضد الاستبداد والظلم،وهناك فضل كبير للإعلام في ذلك، والنصر للشعب اليمني، ولمجاهديه وإعلامييه، وللإعلام العربي الشريف، والإعلام الشريف في العالم، على ندرته”.
وختم بالقول إن هذا الانتصار “هو انتصارنا جميعًا، نحن أهل الحق، أهل حرية الشعوب في هذه المنطقة ضد التزوير والقمع وطمس الحقيقة وقمع الإعلام، بما فيه العنف الحقيقي الدموي ضد الإعلاميين”.
من جانبها، تحدثت فيليبا لايزات، مستشارة في جمعية “أنقذوا الأطفال” في أستراليا، فأكدت آنه يجب فعل المزيد من أجل المدنيين والأطفال، وحماية الصحفيين في مثل هذه الحروب، وفقًا للقانون الدولي، وقالت إن منظمة “آنقذوا الأطفال” تواصل حث الحكومة الأسترالية على حظر إيرادات الأسلحة إلى الدول المشاركة في حروب، بمن فيها تلك المتورطة بالانتهاكات ضد الأطفال.
وفي ختام المؤتمر، تحدث يحيى الحديد، رئيس معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبعد توجهه بالشكر للمشاركين، استعرض الحديد انتهاكات التحالف السعودي الإماراتي ضد اليمن على مدى ست سنوات.
وعن مجزرة حي الرقاص، قال الحديد إن القصف البربري أودى بحياة أكثر من سبعين مواطنًا بين شهيد وجريح في جريمة متعددة الأوجه استهدفت أيضًا الإعلاميين، وكان المستهدف السفير عبد الله صبري، وهو رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين سابقًا، من أجل إسكات جميع الأصوات التي ترصد هذه الحرب الظالمة وتعارضها.
ولفت الحديد إلى أن هذه المجزرة كانت واحدة من سلسلة من المجازر راح ضحيتها الكثير من المدنيين، وكذلك تم قصف المدارس وحافلات ملأى بالأطفال.
وقال الحديد إن السعودية وقوات التحالف هدفت إلى تغييب أصوات الصحفيين لمنعهم من نقل الأحداث، لافتًا إلى أن المعهد يهدف إلى توثيق هذه المجزرة من خلال هذا التقرير حفظًا لها من النسيان.
ووجه الحديد مطالبة للعالم أسره بالالتفات إلى ما يحث في اليمن، من خلال عدد من الخطوات أبرزها: إيقاف العمليات العسكرية لقوات التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات، والتوقف عن حصار اليمن برًا وبحرًا وجوًا، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، ورفع اليد عن الحدود والمناطق التي يتواجد بها الجيش السعودي في الأراضي اليمنية، والإسراع بتقديم المساعدات للشعب اليمني.
وأشار الحديد إلى أن هناك مطالب دولية بإيقاف الحرب، مؤكدًا ضرورة حث الشعب اليمني على الجلوس إلى طاولة الحوار وحق الشعب اليمني بتقرير مصيره.