هيومن رايتس ووتش: السعودية: قمع مستمر بشكل روتني للمعارضين عام 2021

نفذت السلطات السعودية في 2021 اعتقالات تعسفية، وحاكمت وأدانت معارضين سلميين. ما زال عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء يقضون عقوبات طويلة بالسجن لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى إصلاحات سياسية وحقوقية.

أعلنت السعودية إصلاحات مهمة وضرورية في 2020 و2021، لكن استمرار القمع وازدراء الحقوق الأساسية يشكلان عقبات رئيسية أمام التقدم. يعيق القمع شبه الكامل للمجتمع المدني المستقل والأصوات الناقدة فرص نجاح جهود الإصلاح.

 

حريّة التعبير، والمعتقد، وتكوين الجمعيات

قمعت السلطات السعودية في 2021 بشكل روتيني المعارضين، ونشطاء حقوق الإنسان، ورجال الدين المستقلين. في 5 أبريل/نيسان، حكمت محكمة الإرهاب السعودية على عامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان (37 عاما) بالسجن 20 عاما يتبعها منع سفر لمدة 20 عاما بتهم تتعلق بتعبيره السلمي. في 20 أبريل/نيسان، حكمت المحكمة نفسها على الناشط الحقوقي محمد الربيعة بالسجن ست سنوات بتهم غامضة وزائفة تتعلق بنشاطه. تقول مصادر مقربة من القضيتَيْن إن السلطات السعودية عذبتهما أثناء احتجازهما وأجبرتهما على التوقيع على اعترافات كاذبة. حكمت محكمة سعودية على الصحفي السوداني أحمد علي عبد القادر (31 عاما) بالسجن أربع سنوات في يونيو/حزيران بتهم غامضة بناء على تغريدات ومقابلات صحفية شاركها على “تويتر”، أعرب فيها عن دعمه لثورة السودان 2018-2019 وانتقد تصرفات السعودية في السودان واليمن.

أفرجت السلطات السعودية عن ناشطات بارزات في حقوق المرأة من السجن في 2021، بمن فيهن لجين الهذلول، وسمر بدوي، ونسيمة السادة. لكنهن بقين ممنوعات من السفر وكنّ يقضين أحكاما مع وقف التنفيذ، ما يسمح للسلطات بإعادتهن إلى السجن بسبب ما قد تعتبره نشاطا جرميا. في يناير/كانون الثاني، تلقت “هيومن رايتس ووتش” رسائل نصية من أشخاص عرّفوا عن أنفسهم بأنهم حراس سجن سعوديون، وصفوا فيها التعذيب وسوء المعاملة التي شهدوها على أيدي المحققين السعوديين ضد محتجزين بارزين بين منتصف وأواخر 2018، بمن فيهم لجين الهذلول ومحمد الربيعة.

استمرت محاكمات الإعدام بحق معتقلين بتهم لا تتعلق إلا بالنشاط والمعارضة السلميَّين. بحلول سبتمبر/أيلول، كان من بين الذين يواجهون عقوبة الإعدام رجل الدين البارز سلمان العودة، الذي ارتبطت تهمته بصلاته المزعومة بـ “جماعة الإخوان المسلمين” ودعم للمعارضين المسجونين، إضافة إلى حسن فرحان المالكي بتهم غامضة تتعلق بالتعبير عن أفكاره الدينية السلمية. العودة والمالكي محتجزان منذ سبتمبر/أيلول 2017 وقد شهدت محاكماتهما التي بدأت في 2018 تأجيلات عديدة.

ما زال أفراد بارزون من العائلة المالكة محتجزين دون أي أساس قانوني على ما يبدو. ومن بينهم ولي العهد السابق محمد بن نايف ورئيس “الهلال الأحمر السعودي” السابق فيصل بن عبد الله، وكلاهما احتُجز في أوائل عام 2020 بمعزل عن العالم الخارجي إلى حد كبير.

في أواخر 2020، أصدرت محكمة سعودية، عقب محاكمة جائرة، حكما على وَلَدي مسؤول الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري بالسجن تسعة أعوام وستة أعوام ونصف على التوالي، بتهمتي “غسل أموال” و”محاولة الهروب” من السعودية، على ما يبدو لإكراه والدهما على العودة من الخارج. وجهت السلطات التهم إليهما بعد شهر من رفع الجبري دعوى قضائية ضد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في محكمة أمريكية تزعم أن ولي العهد أرسل فرقة اغتيال لقتله في كندا في 2018. كما اعتقلت السلطات ما يصل إلى 40 شخصا آخرين من أفراد عائلة الجبري والمرتبطين به.

يقضي أكثر من عشرة ناشطين بارزين أدينوا بتهم تتعلق بأنشطتهم السلمية أحكاما طويلة بالسَّجن. كان الناشط البارز وليد أبو الخير يقضي عقوبة بالسَّجن 15 عاما، أصدرتها ضده “المحكمة الجزائية المتخصصة”، بعد إدانته في 2014 بتهم نابعة فقط من انتقاده السلمي لانتهاكات حقوق الإنسان في مقابلات إعلامية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

مع استثناءات قليلة، لا تسمح السعودية لأتباع ديانات أخرى غير الإسلام ممارسة شعائرهم في الأماكن العامة، وتميز بشكل ممنهج ضد الأقليات الدينية المسلمة، ولا سيما الشيعة الإثني عشرية والإسماعيليين، بما يشمل التمييز في التعليم الحكومي، والقضاء، والحرية الدينية، والتوظيف. وجدت مراجعة للكتب المدرسية لعام 2021 أنه، رغم الخطوات لإلغاء لغة الكراهية وعدم التسامح من الكتب المدرسية المتعلقة بالدين، إلا أن النصوص الحالية أبقت على المحتوى الذي يحط من قدر الممارسات المرتبطة بالمسلمين الشيعة والصوفيين.

 

الغارات الجوية والحصار على اليمن

ارتكبت السعودية، التي تقود التحالف الذي بدأ العمليات العسكرية ضد قوات الحوثيين في اليمن في 26 مارس/آذار 2015، انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي. حتى أغسطس/آب، قُتل ما لا يقل عن 8,773 مدنيا في النزاع وجُرح 9,841 منذ 2015، وفقا لـ “مشروع بيانات اليمن”، مع أنه من المرحج أن يكون العدد الفعلي للضحايا المدنيين أعلى بكثير. معظم هؤلاء الضحايا سقطوا نتيجة غارات التحالف الجوية التي استهدفت المنازل، والأسواق، والمستشفيات، والمدارس، والمساجد. قد ترقى بعض هذه الهجمات إلى جرائم حرب.

في سبتمبر/أيلول، صرح “فريق الأمم المتحدة للخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعني باليمن” أن لديه “أسبابا معقولة” للاعتقاد بأن أطراف النزاع في اليمن مسؤولون عن انتهاكات حقوق الإنسان، وكرر دعوته مجلس الأمن الدولي إلى إحالة الوضع في اليمن إلى “المحكمة الجنائية الدولية”. شنت السعودية حملة شرسة لإنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين، والتي لم يتم تجديدها في جلسة سبتمبر/أيلول لـ “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

فاقم النزاع الأزمة الإنسانية القائمة. يفرض التحالف بقيادة السعودية حصارا جويا وبحريا منذ مارس/آذار 2015، ويقيّد تدفق السلع المنقذة للحياة، وقدرة اليمنيين على مغادرة اليمن والعودة إليه بدرجات متفاوتة طوال الحرب. (انظروا أيضا فصل اليمن).

 

العدالة الجنائية

تطبق السعودية تفسيرها غير المدوَّن للشريعة الإسلامية كقانونها الوطني. بغياب قانون عقوبات مدوَّن أو لوائح دقيقة الصياغة، يمكن للقضاة والمدعين العامين إدانة الأشخاص في مجموعة واسعة من الجرائم بموجب تهم فضفاضة وشاملة مثل “الخروج على ولي الأمر” أو “محاولة تشويه سمعة المملكة”. عادة ما يواجه المحتجزون، بمن فيهم الأطفال، انتهاكات منهجية للإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة، منها الاعتقال التعسفي.

يحكم القضاة بشكل روتيني على المتهمين بمئات الجلدات. يمكن محاكمة الأطفال لجرائم تصل عقوبتها حد الإعدام والحكم عليهم كبالغين إذا ظهرت عليهم علامات البلوغ بدنيا. في 2021، استند القضاة في بعض إدانات الإعدام في المقام الأول إلى اعترافات تراجع المتهمون عنها في المحكمة وقالوا إنها انتزعت منهم تحت التعذيب، وهي مزاعم لم تحقق فيها المحاكم. لا تحظر القوانين السعودية بوضوح العقوبة البدنية للأطفال، والتي كما أشارت إليها “لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل” في 2016، “لا تزال مشروعة في جميع الأماكن”.

رغم أن السلطات السعودية أعلنت عن إصلاحات في العدالة الجنائية في 2020 أعادت العمل بالتعديل القانوني من 2018 الذي يقضي بوقف عقوبة الإعدام الأشخاص المتهمين بجرائم مزعومة معينة عندما كانوا أطفالا، إلا أنه يمكن للمدعين العامين المطالبة بإعدام هؤلاء المجرمين المزعومين على جرائم مثل القتل. ينتظر عبد الله الحويطي تنفيذ حكم الإعدام فيه منذ 2019 ويمكن إعدامه رغم أنه كان عمره 14 وقت ارتكاب الجريمة المزعومة وأدين بمحاكمة بالغة الجور.

لم تنفذ السعودية أي إعدامات متعلقة بالمخدرات في 2021، تماشيا مع وقف تنفيذ مثل هذه الإعدامات الذي قالت “هيئة حقوق الإنسان” السعودية إنه دخل حيز التنفيذ في 2020.

وفقا لبيانات وزارة الداخلية، أعدمت المملكة 52 شخصا بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول، غالبا على خلفية جرائم قتل، في ارتفاع لأعداد الإعدام التي بلغت 24 بالمجمل في 2020. تنفذ الإعدامات رميا بالرصاص أو بقطع الرأس، في الأماكن العامة أحيانا.

المصدر: هيومن رايتس ووتش