منذ أن تولى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منصبه في يونيو/حزيران 2017، أعطى الضوء الأخضر لرجال نظامه ليكون القتل والإعدام هو سياسة الدولة، من أجل مواجهة المعارضين والخصوم السياسيين، غير مبالٍ بالاتهامات الدولية بانتهاك حقوق الإنسان.
وفي حواره مع مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، مطلع الشهر الجاري، زعم بن سلمان، في ردّه على سؤال حول استخدام السعودية عقوبة الإعدام بشكل متكرر، أنه “قد تخلصنا منها جميعًا ما عدا فئة واحدة، وهذه الفئة مذكورة في القرآن”.
وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت، اليوم السبت، تنفيذ حكم الإعدام بحق 81 معتقلاً، مدعية أنهم تبنوا “الفكر الضال والمعتقدات المنحرفة ذات الولاءات الخارجية والأطراف المعادية، وبايعوها على الفساد والضلال، فأقدموا بأفعال إرهابية”.
واتهمت في بيان، المدانين “بالترصد لعدد من المسؤولين ورجال الأمن والوافدين واستهدافهم، وزرع الألغام، وارتكاب جرائم الخطف والتعذيب والاغتصاب والسطو بالسلاح والقنابل اليدوية، وتهريب الأسلحة والذخائر والقنابل للمملكة”.
وزعمت الوزارة، أن المدانين البالغ عددهم 81، ينتمون لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة والدولة الإسلامية “داعش” وجماعة الحوثي في اليمن، مشيرة إلى أن غالبية من جرى إعدامهم من الجنسية السعودية، وبعضهم من الطائفة الشيعية، ومن بينهم سبعة من اليمن وسوري واحد.
وأعرب ناشطون على تويتر، عن غضبهم جراء إعلان السلطات السعودية تنفيذ حكم الإعدام بحق 81 شخصا، معتبرين أن ما جرى اليوم “مجزرة” بحق أبرياء لم يتوفر في محاكماتهم أدنى شروط العدالة.
واستنكروا في تغريدات على حساباتهم الشخصية، انصياع القضاء السعودي والنيابة العامة لرغبات ولي العهد، في التخلص من خصومه السياسيين وتلفيق التهم المزيفة لهم.
وأشار ناشطون، إلى أحكام إعدام سابقة نفذها نظام بن سلمان، بذات النمط المجرم تحت مزاعم انضمام الضحايا إلى جماعات إرهابية، مؤكدين أن سياسة القتل والاغتيال هي أسلوب ولي العهد لتصفية الأبرياء، إما لخلافات سياسية أو طائفية.
وتتهم منظمات حقوقية دولية، النظام السعودي باستخدام عقوبة الإعدام -حكمًا وتنفيذًا- ضد خصومها السياسيين، حيث حكمت على عشرات المعارضين بالإعدام خلال السنوات الماضية.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في تقرير لها، أن السلطات السعودية أعدمت 67 شخصًا عام 2021 ارتفاعًا من 27 عام 2020.
وقالت المنظمة، أن “عودة إعدامات السعودية في 2021، تشير إلى استهتارها بالدماء، وأن انخفاض الإعدام في 2020، لم يكن نتيجة سياسات استراتيجية لتقليصه، وإنما كان بإرادة شخصية من ولي العهد محمد بن سلمان، الذي كان منهمكا في ترميم صورته الملطخة بانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان”.
وبشأن الشاب السعودي عبد الله الحويطي، الذي اعتُقله النظام وعمره 14 عامًا، وحكمت عليه المحكمة الجنائية السعودية الأسبوع الماضي بالإعدام، بعد مُضي 3 سنوات على محاكمة بالغة الظلم.
أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن المحكمة تجاهلت أدلة السلطات نفسها على أن الحويطي كان لديه حجة غياب، مستندة في حكمها بالكامل تقريبًا إلى اعترافاته واعترافات المتهمين الآخرين.
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة مايكل بَيج، إنه “على الرغم من المحاولات الوقحة للقادة السعوديين لغسل الصورة الدموية للبلاد وتصوير أنفسهم كقوة تحديث، فإن هذا الشاب يقضي عامه السادس في السجن، منفصلاً عن العائلة والأصدقاء ويواجه عقوبة الإعدام مرة أخرى”.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، أكدت منظمة مشروع مناهضة عقوبة الإعدام، أن “السلطات السعودية أعدمت أكثر من 130 شخصا منذ بداية العام الجاري، بينهم 6 كانوا أطفالا وقت اعتقالهم”.
وقالت إن “أغلب من نفذت فيهم أحكام الإعدام كانوا من معارضي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومن منتقدي سياساته، أو من المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية”.
وفي تصريح لوزيرة الخارجية في حكومة الظلّ البريطانية إيميلي ثورنبي، في مارس/آذار 2018، أكدت أن الإعدامات تزايدت في السعودية خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، أي منذ يوليو/تموز 2017 بعد تولي بن سلمان، بحسب راديو بي بي سي 4.
الأمين العام لحزب التجمع الوطني دكتور عبدالله العودة، أعاد نشر بيان للحزب يستنكر فيه الإعدامات التي تنفذها السعودية بحق المعارضين السياسيين، لإرهاب المواطنين حتى لا يطالبوا بحقوقهم المشروعة مثل التظاهر والتعبير عن الرأي.
وأضاف أن أحكام الإعدام في السعودية اليوم تشهد مستوى دموي غير مسبوق في تاريخ الجزيرة العربية.
واستهجن الناشط الحقوقي يحيى الحديد، ما قامت به السلطات السعودية من قتل للأبرياء، مؤكدا أنها “مجزرة” تمت لأسباب طائفية.