قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنَّ تفشي إصابات فيروس كوفيد-19 في سجن جو في الأسابيع الأخيرة دليل صارخ على تقاعس السلطات البحرينية عن احترام الحد الأدنى من قواعد معاملة السجناء، وضمان حقوق السجناء بالرعاية الصحية.
تشير شهادة أفراد عائلات السجناء إلى وجود العشرات من الإصابات بين السجناء وترسم صورة قاتمة لظروف السجن –السيئة أصلًا بسبب الاكتظاظ- مما يلقي بظلال من الشك على مزاعم الحكومة الأخيرة بأن تفشي المرض تحت السيطرة.
ولم يتم تزويد السجناء بكمامات للوجه أو مستلزمات النظافة، ولم تطبق تدابير وقائية أخرى، مثل اختبارات الفحص المنتظمة، على الإطلاق. وكان هناك شفافية ضئيلة من إدارة السجون حول عدد الإصابات، وواجه السجناء المرضى قيوداً على التواصل مع عائلاتهم.
وقالت لين معلوف، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يترتب على الحكومة البحرينية وسلطات السجون واجب واضح في ضمان الحق في الصحة للمحتجزين وحمايتهم من خطر العدوى. ويجب عليها ألا تقامر بحياة المحتجزين لديها. ويجب على السلطات ضمان تزويد السجناء بكمامات الوجه ومستلزمات النظافة الكافية، وضمان أن يتمكنوا من الحفاظ على التباعد البدني، وضمان إجراء فحوصات مخبرية منتظمة لهم”.
من الأهمية بمكان، في ضوء تفشي الوباء، معالجة الاكتظاظ الذي طال أمده في سجن جو نظراً لصعوبة ضمان التباعد البدني.
وكشفت وزارة الداخلية البحرينية لأول مرة عن تفشي الوباء في 23 مارس/آذار، مشيرة إلى وجود ثلاث إصابات مؤكدة، ولم تصدر بعد ذلك أي معلومات محدّثة عن عدد الإصابات.
وبين 31 مارس/آذار وتاريخ نشر هذا البيان الصحفي، تحدثت منظمة العفو الدولية مع أفراد عائلات ستة سجناء. وقد أخبروا المنظمة أنهم تمكنوا من التحقق من عشرات حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كوفيد-19 بين السجناء باستخدامهم خدمة نتائج فحص فيروس كورونا على موقع وزارة الصحة. وزودت عائلات السجناء ونشطاء حقوق الإنسان البحرينيين منظمة العفو الدولية بقوائم متطابقة تتضمن أسماء أكثر من 70 سجيناً يعتقدون أنهم أصيبوا بالمرض.
حالة اكتظاظ شديد
لا يزال الاكتظاظ يمثل مشكلة كبيرة في سجن جو على الرغم من إطلاق سراح ما يقرب من 1500 سجين في مارس/آذار 2020 بسبب الوباء. ولم يُفرج عن أي من شخصيات المجتمع المدني ال 12 المسجونين ظلماً والمحتجزين في المبنى رقم 7، والذين دعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.
وتلقت منظمة العفو الدولية أنباء عن احتجاز عشرات السجناء أو أكثر في زنازين تبلغ مساحتها ثلاثة في أربعة أمتار ونصف المتر. حتى عندما لا تكون زنزانات السجن مكتظة، فإنها تقصّر كثيراً عن الحد الأدنى للمبادئ والمعايير الدولية لمساحة الزنزانة لكل سجين. تحدد “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء”، والمعروفة باسم “قواعد نيلسون مانديلا” الالتزامات القانونية المترتبة على السلطات إزاء تقليل الاكتظاظ، وتوفير أماكن إقامة مناسبة، وضمان تواصل السجناء مع عائلاتهم.
وقالت لين معلوف: “من الشائع أن تجد أكثر من عشرة سجناء محتجزين في زنازين مصممة لاستيعاب ثمانية أشخاص. فيجب على السلطات البحرينية معالجة الاكتظاظ في سجن جو بشكل عاجل، بدءاً بالإفراج عن جميع المعتقلين تعسفياً، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المسجونين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم”.
الإخفاق في اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة
بينما اتخذت السلطات البحرينية خطوة إيجابية بالسماح للسجناء بالتسجيل للحصول على التطعيم ضد فيروس كوفيد-19، ونفذت بالفعل بعض حالات التطعيم للسجناء، إلا أنَّ الإجراءات الوقائية لمكافحة الوباء في سجن جو كانت غير كافية على الإطلاق.
فقد تقاعست سلطات السجن عن توزيع كمامات الوجه أو معقم اليدين على المحتجزين. علاوة على ذلك، لا يُمنح السجناء أي مواد للنظافة الشخصية كمخصصات معيارية ويجب عليهم شراء جميع هذه المواد – الصابون والمنظفات ومماسح التنظيف والمناشف- من مقصف السجن المعروف باسم الكانتين. وقال سيد أحمد الوداعي، المدافع عن حقوق الإنسان في “معهد البحرين للحقوق والديمقراطية”، لمنظمة العفو الدولية إنَّ أخ زوجته المسجون سيد نزار قد مُنع من زيارة الكانتين لمدة شهر ونصف تقريباً قبل تفشي الوباء في سجن جو. وسيد نزار الآن من بين المصابين بفيروس كوفيد-19 في سجن جو، وقد اكتشفت عائلته ذلك من خلال التحقق عبر نظام وزارة الصحة على الإنترنت.
في 28 مارس/آذار، ادعت الحكومة البحرينية أنَّه قد تم عزل جميع السجناء الذين ثبتت إصابتهم بفيروس كوفيد-19، وأنهم تلقوا العلاج المناسب، وكان من المقرر السماح لهم بالاتصال بأسرهم “في أسرع وقت ممكن”. ومع ذلك، أبلغت عائلات ثلاثة سجناء مختلفين منظمة العفو الدولية أنهم لم يتلقوا المكالمات الهاتفية المعتادة من أفراد عائلاتهم المسجونين في الفترة بين 28 مارس/آذار و3 أبريل/نيسان.
وأضافت لين معلوف قائلة: “لم تتقاعس السلطات البحرينية فقط عن الكشف عن النطاق الكامل لتفشي المرض في سجن جو، ولكنَّ التقاعس عن منح العديد من المصابين بفيروس كوفيد-19 مكالماتهم الأسبوعية المنتظمة مع عائلاتهم حرم أحبائهم من التواصل المباشر مع أقاربهم المرضى وتسبب في قلق كبير غير ضروري”.
سبق لمنظمة العفو الدولية أن وثقت كيف يُحرم السجناء في جو في كثير من الأحيان من الحصول على رعاية صحية كافية، كما أن عدم كفاية المرافق والمستلزمات الصحية لطالما كان يبعث على القلق. في 30 ديسمبر/كانون الأول 2019، على سبيل المثال، أقرت وزارة الداخلية أنَّ 57 سجيناً في جو أصيبوا “بمرض جلدي”. وأخبر أحد أفراد عائلة سجين، محتجز في المبنى رقم 12، منظمة العفو الدولية إنَّ السبب كان مرض الجرب – وهو مرض معد مرتبط بالعيش في ظروف مكتظة وغير صحية.
أدّت المخاوف على أفراد العائلات المسجونين في ظل تفشي فيروس كوفيد-19 إلى اندلاع مظاهرات في عدد من البلدات في الأسابيع الأخيرة، للمطالبة بالإفراج عنهم. وقالت زوجة محمد رمضان، السجين المحكوم عليه بالإعدام بعد إجراءات قضائية بالغة الجور، لمنظمة العفو الدولية إنه تم استدعاء كل من والد وأخ زوجها إلى مركز للشرطة لاستجوابهما بعد مشاركتهما في احتجاج سلمي في قرية الدير.